</b>
سعاد الرملة




قررت ان تقابل الرئيس صدام حسين بعد ان يئست من مقابلة مديرها العام او الوزير المختص لاعادة الامتحان.. اذ لابد من موافقة المدير العام اولا لتقابل الوزير المختص.. وهذه مستحيلة لما نقله البعض من مجموعتها عنها من صورة مشوهة واخبار كاذبة.. لذا قررت ان تتصل بمكتب الرئيس صدام حسين وتطلب المقابلة
اخذوا منها كل المعلومات والتفاصيل وسبب المقابلة وسالوا واستفسروا عن اجدادها حتى السابع عشر منهم واعمامها واخوالها وازواج خالاتها وعماتها وابنائهم واخوانها واخواتها وازواجهم المهم لم يتركوا شاردة ولاواردة للصدفة بل استفسروا وتحروا كل شيء قبل الموافقة على المقابلة..
كانت قبل ذلك قد سمعت بان دكتور كان يدرس معهم في تلك الولاية سوف يوفد الى ذلك البلد الذي كانت تدرس فيه.. وكان السفر ممنوعا ومحضورا الا لاسباب ضرورية جدا كما كان يمنع المسافر من اخذ اي مبلغ مالي معه الا مئة دولار.. اتصلت به في مجلس البحث العلمي وقالت له سمعت انكم ستوفدون الى حيث كنا ندرس واريد ان اطلب منك خدمة قال تفضلي.. قالت انا مطلوب مني اعادة امتحان وعلى نفقتي الخاصة وهذا يكلف الكثير وغير مسموح للمسافر باكثر من مئة دولار فهل استطيع ان ارسل معك مبلغا من المال تضعه في حسابي.. قال بلى ولكن تعرفين القوانين وغسيل الاموال لذا لو اعطيتني كارت البنك ورقمه السري استطيع ايداع البلغ بحسابك بسهولة.. اعطته الكارت والرقم السري ومبلغ خمسة الاف دولار وانتظرت ان يعود فلم يعد اتصلت بدائرته فاخبروها انه جمع مبالغ طائلة من زملائه وجيرانه وهرب ولم يعد لتكتشف فيما بعد انه سحب ايضا المبلغ الذي كان اصلا في حسابها هناك بل وزاد عليه انه سحب دينا عليها بالناقص من رصيدها.. اي ان مجموع ماسحبه منها مع المبلغ الذي اخذه عشرة الاف دولار.. استعوضت الله في المبلغ وراحت تجمع مثله من جديد..
اتصلوا بها من مكتب الرئيس بعد تمحيص وتحري وحددوا لها يوما للمقابلة ذهبت الى المجلس الوطني الساعة الثامنة وكانت هناك كوسترات شديدة النظافة والاناقة بانتظارهم وكانو ينادون الموجدودين حسب الارقام وكان رقمها ثمانية عشر وصلت الى القصر الجمهوري وهناك وقبل ان يدخلو كانت هناك اواني كبيرة شبيهة بالطشوت مليئة بسائل ابيض يبدو انه ديتول على الجميع اغماس ايديهم فيه وتنشيفها بمناشف خاصة قبل ان يدخلو القصر للانتظار
هناك وهي جالسة مع كثيرين كانت ترى سيدات مسيحيات يدفعن عربات انيقة عليها اطعمة واشربة كثيرة وجميلة وكانت تسمع ان هذه لافطار للرئيس وهذه لمدير مكتبه وهذه لفلان وعلان وكذلك حصل نفس الشيء في وقت الغداء.. الا انهم هذه المرة جلبو للحاضرين سندويشات دجاج وعصير.. كان وقت الانتظار طويلا جدا اذ انتظرت من الساعة الثامنة الى الواحدة تقريبا..
في هذا الوقت مرت في راسها افكار ومشاهد وراحت تسال نفسها.. ماذا يحصل لو ان المراة التي اختارها حبيبها وكانت قد افترقت عنه قرابة الخمس او الست سنوات او اكثر كانت قد تزوجت من شخص اخر.. هل ستكون حياتها تغيرت وهل كان القدر سيجنبها كل هذه المعاناة.. ثم تساءلت في نفسها ترى ماذا كان سيحصل لو ان حبيبها الذي غدر بها لم يستمع الى شلة الانذال من زملائها الذين كانوا يسيئون اليها عنده بسبب حبها له وغيرة النساء والرجال من هذا الحب وتفضيلها له عليهم.. ماذا لو اجابهم بانها مازالت صغيرة وقليلة الخبرة في الحياة وبانها تجد فيه صديقا يستمع اليها بسبب العزلة مع المجموعة وبان مابينهما سوى الاعجاب ولكن النصيب شاء غير ذلك وبانه يكن لها كل الاحترام والتقدير وهي انسانة رائعة.. الم يكن ليجنبها الاذى منهم على الاقل والاساءة اليها..
هي لن تنسى ماحيت ذلك المشهد الرهيب عندما زارته بطلب منه وجلست على الاريكة وهو يخبرها بنبأ زواجه بمنتهى القسوة.. كان هو واقفا ويتكلم بقسوة رهيبة وبرودة اعصاب عجيبة اذ ناولها صورهما معا في السفرات والمدينة وهو يقول لها هذه صورك خذيها لاحاجة لي بها بعد اليوم وكان ينظر الى سقف الغرفة واركانها بلاابالية عجيبة وهو يقول لها سنقوم انا وصديقي بصبغ الغرفة وتغيير ديكوراتها استعدادا لقدوم العروس.. كانت لاتصدق ماتسمع وكانت كمن يسلمونه حكما بالاعدام ويقولون له هذا حكم الاعدام بك وهنا في هذه الغرفة سيتم اعدامك وفي هذه الزاوية سنشنقك ونعذبك ونقطعك.. لوهلة تصورت انها في احدى مشاهد الرعب والجريمة بدم بارد او القتل والتعذيب النفسي والروحي لمحترفين لايطرف لهم جفن وهم يرون عذاب الضحية
كانت تنشج في بكاء مكتوم ومخنوق تارة لئلا يرى انهيارها وضعفها وتاره يغلبها هذا الضعف فتنحب في بكاء متحشرج مسموع ,, وهي اليوم وبعد كل هذه السنين تريد ان تحلفه بكل عزيز عليه هل هي والسنتان او اكثر والعهد الذي بينهما والحب الذي منحته له وكانت كل عواطفها بكر لم يمسها انس او جن قبله لاتساوي عنده ان يختلق لها عذرا لطيفا ولو كذبا ليخفف عنها الصدمة بدل هذا الكلام الصادم الجارح المباشر الم يستطع ان يقول لها ان اهلي خطبوا لي احدى قريباتي واجبروني على اتمام الامر ووضعوني امام الامر الواقع ولااستطيع كسر ارادة ابي ولكنك تبقين حبيبتي وروحي وفي قلبي لتصون كرامتها وتحفظ هيبتها امام نفسها والاخرين وتبقي على حبها واحترامها لك..
وتريد ان تحلفه وتساله وهو العالم الذي كان يدرس احدى اصعب فروع العلوم واعقدها هل كنت عابثا بمشاعر فتاة صغيرة وكنت تتسلى بعواطفها لتنسى الاخرى ولم تكن جادا معها وانت الجاد في كل تصرفاتك.. الم تفكر لحظة مايمكن ان يحصل لها بمثل هذه الصدمة الرهيبة.. الم يكن بامكانك ارسال رسالة لها او بالتلفون لتخبرها بان لاتاتي وبانك ستتزوج بدل ان ترسل في طلبها لتصدمها بلاابالية وقسوة رهيبة وخصوصا هي جاءت وقلبها كله امل وحب وشوق وامان ولم تحسب حساب لخنجر غادر سيقضي عليها.. هي لاتصدق انه نفس الرجل الذي احبها سنتين واكثر وكان يغطيها بمظلته ويترك جانبه مكشوفا للمطر وانه نفس الشخص الذي كان يقول لها هل احملك لكي لاتبتل ارجلك من الماء بين الصخور وهل هو نفسه الذي اذا كانت تجلس معه في مختبره بالجامعة وينهمك في عمله فتغفو على كرسيها وكان يقوم بهدوء ليغطيها او يسحب كرسي اخر لتمد ارجلها عليه.. وهل هو ذات الرجل الذي كان يتصل بها صباحا ومساءا ليطمئن عليها في الولاية الثانية وكان يوصيها بالف لا ولا مثل لاتخرجي في الليل لاتمشي في اماكن منعزلة لاتفتحي الباب لمن لاتعرفيه وانت وحدك ولاتردي على التلفون اذا كنت في البيت وحدك حتى كانت تسميها بمجموعة اللاءات.. كانت سعيدة بها لانها تظهر مدى حبه واهتمامه بها..
تقول انك تحب (عبرت الشط على مودك) ولكن هل عبرته من اجلي ام على الامي واهاتي وبحر دموعي وعذاباتي الى المرأة الاخرى
في هذه الاثناء جاء احد المرافقين ليصحبها للمقابلة اذ جاء دورها
خضعت لتفتيش دقيق كما اوصوها الف وصية بما يجب عليها ان تعمله مثل لاتردي قبل ان يوجه لك سؤالا ولاتجلسي قبل ان ياذن لك بالجلوس والاجابة على قدر السؤال حتى ملأ قلبها الرعب من شدة الاجراءات
دخلت القاعة التي فيها الرئيس انها وجها لوجه امام صدام حسين.
يتبع الجزء الثاني