ويا لها من حداثة..





ويا لها من حداثه... Bibi(12)

هشام نفاع
الثلاثاء 15/6/2010
شدّ الانتباه، أمس، رئيس الحكومة الاسرائيلية حين قرّر القفز الى التاريخ. فقد قرر الهرب من تحقيق حقيقي في مجزرة أسطول الحرية. وعوضًا عنه خيّط وصحبه في الحكومة شيئًا إسمه لجنة تقصي حقائق.
بنيامين نتنياهو كان صريحًا وأعلن تكتيك كذبته. فد قال عمليًا إن هدف لجنته المشبوهة إثبات أن إسرائيل على حق. أي أنه وضع الهدف قبل الإجراء: تبييض ساحة سياسته الملطخة بالدماء. هنا، تجدر الإشارة إلى براعة الكذب لديه التي تصل حدود المفارقة: فالمصارحة بالكذب هي أعلى درجات الكذب.
بخصوص التاريخ، قال نتنياهو إن عناصر من القرون الوسطى ستواصل الاعتداء على إسرائيل. ومن هم هؤلاء القروسطيون بنظره؟ إنهم المتضامنون والمتضامنات الأجانب مع أهالي غزة الذين تحاصرهم إسرائيل الحديثة. وهي فعلا حديثة بالمناسبة..
فتشكّلها الجديد الآخذ بالاتضاح أمام عيون العالم، يعود الى عصر الحداثة الذي نمت على هامشه أنظمة فاشية قاتلة.
وعتادها العسكريّ الرهيب لم يكن ليتطوّر لولا سيرورة التصنيع الحديثة، الذي استغلت فيه طغم ومصالح وماكينات الحرب ما أبدعه العقل الإنساني من اختراعات وتطوّر.
ونظامها الذي يأبى التنازل عن ملامح كولونيالية حديثة باررزة فيه، هو استمرار مباشر للكولونيالية الكلاسيكية.
نعم، بتلك المعاني نتنياهو محقّ في محاولة الظهور بمظهر الحديث. لكنه "الجانب المظلم من القمر". إنها العوارض الهدّامة، القاتلة والفتاكة المرافقة للتطور التاريخي الحديث. هذا ما حدث، ولا يزال، حين تجتمع قدرات علمية وتقنية عالية بعقليات وممارسات عسكرية توسعية دموية. وأريد هنا توجيه أنظار رئيس الحكومة الى أواسط القرن العشرين في وسط أوروبا، بالذات!
لقد دأب الكولونياليون على اعتبار ضحايا احتلالهم وتوسعهم ذوي قيمة متدنية قياسًا بالبشر (فهم وحدهم البشر!). ونتنياهو، عبر اعتباره أبطال أسطول الحرية "من القرون الوسطى"، يثبّت التهمة الكولونيالية المُثبتة على مؤسسته.
ولكن، بالرغم من ذلك، فإنه لن يكون قادرًا على إقناع طفل التركي، أو أمريكي، أو إيرلندي، أو فرنسي، أو سويدي، أو بلجيكي حين سيقول له: ولكن يا مسيو نتنياهو والدي/ والدتي/ شقيقي/ جاري – كانوا على أسطول الحرية المتجه الى غزة التي تحاصرها؟ فهل كل هؤلاء ظلاميين من القرون الوسطى، وأنت الحضاريّ؟!
وبما أننا نعترف بإتقانه الديماغوغية بأحدث أشكالها، سنخمّن بأنه سيروح يزعق: لاسامية، لاسامية..
وسنجيبه معًا: أيْ حلّ عن سمانا عاد!