"... مِثْلَ النَّعَامَةِ لا طَيْر وَلا جَمَل"





مثل النعامه لا طير ولا جمل..." Khalid-turki


الثلاثاء 15/6/2010
لماذا أصبحت لغتنا العربيَّة تثقل كاهل غالبيَّة أبنائنا؟ لماذا يُجيدون اللغات الأخرى وقواعدها بامتياز؟ بينما يستصْعِبون الكلام بلغتنا الام، وإذا تكلَّموا العربيَّة الفُصحى تجدها مليئةً بالأخطاء التَّعبيريَّة والنَّحويَّة والصَّرْفِيَّة وإن تكلَّموا العامِّيَّةً تجد الكثير من الكلمات الدَّخيلة عليها كالعبريَّة أو الانكليزيَّة أو غيرها..
لذلك علينا العمل على أنْ يكونَ أبناؤنا حصنًا منيعًا عصِيًّا على التَّهجين والتَّجهيل والتَّدجين والاجتهاد أكثر في تثقيفنا الذّاتي وتثقيفهم من أجل حماية لغتنا وصونها وتطويرها والارتقاء بها..
حيث إنَّنا نَجِدُ بعضهم يتحدَّثُ معك بلغة تأخذ العِبريَّة منها حيِّزًا كبيرًا مع أنَّهم لا يجيدونها لغةً ولا لفظًا ولا استعمالاً، وحتّى لو تمكَّنوا منها أو من غيرها من اللغات، هذا لا يعني أنْ تحلَّ محلَّ لغتنا، ولو وُجِدَ آخر، فرضًا، في نفس المكان لا يفهم لغتنا العربيّة، لقلتُ علينا التَّكلُّم بلغة يفهمها الحاضرون، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ وشرعيٌّ ويليق بنا من باب احترام الآخر..
أُعطي أمثلةً لا حصرًا: عندما وَجَّهْتُ شخصًا لمكتب البريد لإرسال طلبٍ معيَّنٍ، نظر إليَّ نظرةَ سائلٍ مُستَغْرِبٍ، آه يعني "الدُّوأَر" (مكتب البريد بالعبريَّة)، وجاءني شخصٌ آخر إلى العيادة وفي يده ورقة كُتِبَ عليها "حُوفِشِ المَحَلاه"، كتبها قريبه، ولَم أفهمها بدايةً لكنَّه بعد أن قام بتفسير طلبه، فهمتُ أنَّه جاءني بطلب استمارة عطلة مرضِيَّة لقريبه، ومثال آخر عندما سألتُ أحدهم عن مهنة أبيه، كان جوابُهُ "بُشْمُر" في المصنع أي يحرس المصنع (حارس بالعبريَّة شُومِير).
وهذا ينعكس على شعور انتمائنا العربيِّ الفلسطينيِّ فمنهم من يشعر أنَّه إسرائيليٌّ
قلبًا وقالبًا، ومنهم من يشعر بأنَّ عروبته إسرائيليَّة! وآخر يشدِّد على انتمائه الدِّيني لا القومي، ناهيك عن فئة لا تشعرُ بأيِّ انتماء وكأنَّها وُلِدت من فراغ.
إنَّ الانتماء العربيّ والفلسطينيّ ليس سلعة قابلة للتَّداول أو المساومة عليها وليست
كما يحلو لنا "هيك على كيفنا"، إنَّ الانتماء حقيقة بديهيَّة علينا الحفاظ عليها من خلال الكَدِّ والاجتهاد في الدِّفاع عن لغتنا العربيَّة وتطويرها في ذواتنا وفي قناعاتنا الفرديَّة لأنَّها وجودنا..
لقد تحيَّرتُ في أمر بعض أبناء بلدي وجلدتي ونكبتي وأبناء أمّتي، وحيَّرَني عدم مبالاتهم للغتهم ولوجودهم، بعد أن تحيَّروا كما تحيَّر الغُراب حين حاول الرُّجوع إلى مشيته الأصليَّة؟ أو كما تحيَّر الشَّاعر في أمرِ النَّعامةِ، حتَّى انَّ بعضهم قال إنَّها متولِّدة من جملٍ وطائرٍ:
إِنِّي تَحَيَّرْتُ فِي أَمْرِي وَأَمْرِهُمُ مِثْلَ النَّعَامَةِ لا طَيْرٌ وَلا جَمَلُ
لنتكلَّم العربيَّة ولنتقنها جيِّدًا لأنَّ نداءَ الانتماءِ والبقاءِ والجذور والهُوِيَّةِ يطلب منَّا هذا..