أحلاام االبراءه...!!! 10479883281383223617


أحـــلام البــــراءة


أحلاام االبراءه...!!! Www.hh50.com-Photos-Images-Lines-2989


في مساء رتيب ساده الصمت الطويل, بينما أقرأ في كتابي المفضل, وإذ من بين الصفحات و أغصان الصمت اليابسة, برقت ذاكرةٌ قديمة قدم السنين.
تراجعت مقلتاي عن الكلمات بين السطور, تُدافعُ معها جسدي المتثاقل المنسكب على المكتب, بدأت أتفحص المكان من حولي دونما اهتمام, مرجعاً شريط الذكريات, باحثاً بين خفايا الماضي , عن صورة طفلٍ عشق الرسم و الألوان و راح يسكب عبراته وخيالاته الصغيرة على وريقات يجمعها بين كفيه أينما ذهب.
" أين ضاعت تلك الوريقات "
أخذت فكرة البحث تطفو ذاكرتي الراكدة, حلقات تتسع لتشمل المكان من حولي, مكتبي, كتبي, دفاتري,أوراقي الخاصة.
وقفت معلناً حالة الاستنفار العام , ممعناً النظر بكتبي التي اصطفت بثبات على رفوف المكتبة المعلقة في الحائط الكبير قبالة المكتب.
اعتليت درجات السلّم الثلاث لأصل للرف الأخير في المكتبة, ممسكاً بدفتري الطفولّي بشوق.
كان غضاً طرياً مازلت أتلمس الرفق و الحنان بين الصفحات , اعتلت وجهي ابتسامة بيضاءُ نقية .. رسمها حنيني لطفولتي, وإذ بالباب يُطرق , ... طُرق الباب أخرى ... من هناك؟؟
هل أستطيع الدخول ؟؟
أدخل عمار ... أدفع الباب و ادخل ..
(عمار ولدي الأكبر في الخامسة من عمره )
قالت لي ماما ماذا ستصبح عندما تكبر.. فأتيت أسألك ؟؟
تعال .... تعال
هبطتُ عن السلّم و شوقي يجتاح عمار... مازالت ابتسامتي تنمو كلما اقتربت منه
رفعته إلى حجري مفترشاً الأرض
مازالت الحيرة ترسم أحداثها في محياه و صمت الانتظار يعلو المكان أخذت أرواق الدفتر تبدد الصمت بينما أقلبها بين يدي محاولاً لفت انتباهه, لرؤية ما في الصفحات من أحداث بدأت الصفحات تخبرنا عن ما فيها من آلام وأوجاع عادت بي الأيام فهناك اجلس تحت الشجرة الكبيرة في بيتنا الريفي ,ارسم وأخط لوحة تحاكي شمساً مشرقة و طيوراً تحلق في السماء الزرقاء و عصافير تزقزق أسمعها بكلتا أذنَّي و جدول الماء ينسكب من تله بعيدة دنت من الشمس وسط المكان و زهور وعطور أشتم عبقها في ثنايا ضلوعي
ولوحةً أخرى كانت لملاك الأحلام .. فتاة في مقتبل العمر عينان سوداوان و ابتسامة خجولة و سرور يخطه الحاجبان
وحمرة الخد تنم عن الحياء الذي تخفيه تلك الابتسامة الممزوجة باللطف والبهاء
وأخرى ... حرباً ضروساً و جنوداً و عساكر تصارع ريشة رسام
كم تمنيت أن أكون رساماً مبدعاً أخط بريشتي تفاصيل الحياة بأفراحها و أحزانها بصمتها و صخبها صوراً تحاكي الواقع تجسده , أفراح و آلامَ على الورق
رحمك الله والدي ... لمَ انتزعت مني الريشة لمَ مزقت كل الألوان أردت أن أكون أديباً كاتباً يشار إليه بالبنان و ها أنا اليوم كما وعدتك أديباً كاتباً ولكن عذراً سأعود لتلك الألوان

هيه ... هيه.. بابا ..
بابا ماذا سأصبح عندما أكبر؟؟
عدت لوجه عمار مازالت الحيرة تعلو وجهه ضممته بحنان وقلت لا عليك ولدي
ستكون كما تحب ... ستكون كما تحب
وسريعاً علت البسمة وجهينا
حملته منادياً أم عمار...