( رحابة الصدر )، ما هي وما أهميتها وهل تخلصنا من النذوب ..؟




بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،



مقدمة : نلاحظ بأن كل إنسان عاقل يحذر من التقرب من الإنسان الذي يحمل المرض المعدي ، وإذا أصابه جرح في يده أو في أي مكان آخر يسعى إلى علاج نفسه .. وإذا علِم بوجود الجراثيم والأوساخ في طعامه فإنه لا يأكله .

وهذا مهم جداً ، فالمحافظة على صحة الجسم مهمة و ضرورية .
في المقابل لا نجد الكثير ممن يسعون إلى التخلص من الذنوب والمعاصي علماً بأنها هي أيضاً أمراض ، وكل الفرق بينها وبين أمراض الجسد بأنها تصيب القلب والروح بل وتؤثر على الجسد معظم (إن لم يكن كل) الأحيان .

وأيضاً العلاج من أمراض الروح والقلب ذا أهمية كبيرة ،
يكفي أن نعلم بأنه يتعلق برضا وسخط الله عزّ وجلّ .


سؤالنا هو : كيف نتخلص من الذنوب ؟
الإجابة المتعارف عليها هي : الإبتعاد عن الذنوب .


لكنها ليست الإجابة التي نريد الحصول عليها لأنها غير كافية ، وكلنا يعرفها تمام المعرفة ،،، ما نريد أن نتعرف عليه هو الطريقة التي تساعدنا في التخلص من الذنوب .. وإحدى هذه الطرق سنتعرف عليها في هذا الموضوع .

موضوعنا عن : ( إنشراح الصدر )

منّ الله على النبي (صلى الله عليه وآله) في سورة (أَلَمْ نَشْرَحْ ) ويقول له : أيها النبي (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) .

..:: عندما يكون صدرك منشرحاً ::..

إنشراح الصدر قوة كبيرة جداً ، وإنشراح الصدر يعني ببساطة أن يكون القلب كالبحر وأن يستطيع الإنسان أن يهضم المشاكل والمتاعب في ذاته ، كالبحر يهضم الماء الآسن ولا يتلوث من إمتزاجه مع ذلك الماء ، ويقاوم الحيوانات الكاسرة ولا يأخذ من لونها ورائحتها ، يقف شامخاً أمام الجزر والمَد والعواصف ، ولا يبالي أي شيء .

فقد خاطب الله عزّ وجلّ نبيه موسى (ع) قائلاً : ( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ) ، فرعون ذلك الطاغية الذي لديه ما لديه من السلطة القوية والأموال الكثيرة ، بماذا يذهب إليه موسى (ع) ؟ هل سيطلب جيشاً جراراً من الملائكة ؟ هل سيفكر في بعض الحيَل لكي يهرب بها من أمام هذا المتغطرس في حال أمر بقتله ؟ كلا .. بل ( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .


إذا أراد الإنسان أن يتغلب على نفسه الأمّارة وأن يستوعب المشاكل يجب أن يكون قلبه كالبحر ، ليكون صامداً دوماً في مواجهة المياه الآسنة والصافية والحِلوة بموقفٍ ثابت ، وأن لا تتجاذبه المسرّات والمتاعب إلى هذهِ الجهة أو تلك .

..:: وعندما يكون ضيقاً ::..

يقول عزّ وجلّ في محكم كتابه :

(إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا )
(إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا )
( وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا )

عندما تحدث مشكلة للإنسان الهلوع يعلو صراخه ،
وحينما يصبه الخير والفرح يطغى وينسى نفسه !!


سبب ذلك هو أنه لا يملك إنشراح الصدر و رحابة الصدر ، لأن الذي ليس قلبه كالبحر يبدو كحوض صغير سرعان ما تموج به الأحداث ، إذا حدثت له مشكلة لا يستطيع أن يصبر ، ولأنه لا يستطيع الإستيعاب يلوّث نفسه بأنواع الذنوب كالغيبة والقذف والنميمة والسباب ويفقد سيطرته على لسانه ، وتدريجياً يأخذ لسانه منحنى إلحادياً حيث ينتقد ويؤاخذ الله (والعياذ بالله) .