هجــــــران

أضحى الفؤاد . . .من الهجران هيمانا
والوجد أسقى . . . ربوع القلب أشجانا
إني أحن . .. وطار القلب من شغـف
كالطيـر يصدح ... أنغاما وألحــانا
لكن قلبك ... يا من عشت أنشــدها
لا يقبل العفو ... إكرامـا وإحســانا
حتى غدوت ... أعد النجم منتظــرا
قربي إليك ... أرى منــهن ألــوانا
* * *
تلك الحياة . . . نعيم . . عنـد هانئها
أمّا حياتي . . . ظلام . . في محيانا
أوَ قد تقولي . . . بأني بتّ . . مكتئبا
فإن حييـــت . . . فأنت عين دنيانا
لمّا أموت . . . فيكفــي منك مرثية
من النشيد . . . وغني . . مثلما كانا
قيس وليلى . . . تهادا في مرابعهــم
ما أن تناءت . . . فغنّـى اللحن أبكانا
* * *
قال الوشاة .. . بأني لســـت نائلها
أو صائبا منك . .. حبـّـا فيه ملهانا


ورايشتني سهام الغدر . . . ما برحت

تمــزق الجســم أياما .. . وأزمانا

كى لا تعيش لنا ذكــرى . . يفعمها

طيب الـورود . . . وظل كان مأوانا

وليهجر الحب قلبينا . . . على عجـل

كالريح تذري . . . مع الأيام ذكـرانا
* * *


هل تذكرين مكانا . . . ضم مجلسـنا

يا أعطــر الناس . . . أنفاسا وأردانا

لو ينطق الصخر . . . والأمواج تلطمه

عند الأصيل . . . وعين الشمس ترعانا

أو ينبت الرمل روضا . . . لا يفارقه

نور الصباح . . . فيهفو الورد نشوانا

لقال ويحك . . . ما ذكــراك نجهلها

فكيف قلبك ... يأبانا .. ويســـلانا
* * *


وكيــف نرضى بغير الوصل منزله

فيها الشقاء ... كوشـــم في محيانا

لـذا أقــول إليها . . . لو تطاوعني

يا من تعلق . . . فوق الصدر مرجانا

هيـّا هنـاك . . . إلى أفنــان أيكتنا

كي نجمع الجنـي . . . تفاحا ورمانا

والغصن يعزف . . . والأطيار تطـربنا

من لحن حبك . . . والأحــلام سقيانا

آهٍ من الوجــد . . . قد جفّـت منابعه

وبات ورد الصِّبا .. في الروض عطشانا

لو أحسـن الناس .. صنعا في معاملتي

لمــا افتقدنا حبيبا . . . بات يهــوانا

لكن أساءوا . . . وأعمى الظـن أعينهم

فكيف أصبـو . . . وقلبي بات وسنانا

وكيف نرضـى . . . بكأس ليس يملؤه

غير العذاب . . . وكان الشــهد مسقانا
* * *
وحق حبـك ... والوجدان يستـره
إن عاود القلب .. ذكراك وذكرانا
لأرشفن كؤوس الحب ... مترعة
وليشهد الكأس ... أنّي بت سكرانا
حتى أفيــق ... على خديك منتشيا
أقص ذكـرى الهوى أو يوم لقيانا
أو أن أروح لأهل الطــب أسألهم
هل يبرئ الطب .. قلبا بات ولهانا
* * *
قال الأطباء ... هــذا ليس يبرؤه
إلا الحبيب ... فــداء الحب أعيانا
قيس وليلى تغنى في الهوى زمنا
حتــى تناءت أضحى قيس هيمانا
ومات قيس ... وما جفت جداوله
تصب دوما .. بنهر الحب ألحانا
* * *
فيا نسيم الصَّبا إن زرت ربعهُمُ
عند الصباح وكان الزهر ظمآنا
فاروِ الحدائق .. كى تنمو خمائلنا
وليعبق الورد طيبا.. منه فيحانا
واحمل إليهم من الغناء ما نبتت
من يانع الفل والليمون .. أفنانا


وهــاك منّي . . . سلام الله أرسـله

عبـر الأثيـر . . . فيغنـي ذاك أحيانا

إمّا تعود . .. فمنهم آتني خبــــرا

قبل الممات . . . فعمري اليوم قد حانا
* * *


سبعون شهرا . . . وقلبي بات منتظرا

يـوم اللقاء . . . أما قــد حان لقيانا

سبعون شهــرا . . ومني العين باكية

هجـر الربوع . . . فأنّى كان ملــقانا

أين اللقاء . . . وما زالــت شواطئنا

تبكــي علينا . . ونحن الخلف أعيانا

لكــن هلموا . . .فما في العيش منفعة

والأرض تســلب . . . والأيام تنعـانا

وما علينا لأهل الخلــد . . . مكـرمة

إلاّ الفــداء . . . ونهدى الروح قربانا