ماهي الأشياء التي ينتفع بها الميت من قبل الأحياء؟ وهل هناك فرق بين العبادات البدنية وغيرالبدنية، نرجو أن توضحوا لنا هذه المسألة وتضعوا لنا فيها قاعدة نرجع إليها كلما أشكل علينا مثل هذه المسائل ؟
ينتفع الميت من عمل الحي بما دل عليه الدليل من الدعاء له والاستغفار له والتصدق عنه والحج عنه والعمرة عنه وقضاء الديون التي عليه وتنفيذ وصاياه الشرعية كل ذلك قد دلت الأدلة على مشروعيته. وقد ألحق بها بعض العلماء كل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها لمسلم حي أو ميت. والصحيح الاقتصار على ما ورد به الدليل ويكون ذلك مخصصًا لقوله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى} [سورة النجم: آية 39] .
كيف يكون العزاء في الميت؟ وهل هو بالاجتماع في منزل المتوفى طوال الثلاثة أيام مع ما يحصل من لهو وغيبة ويقولون: إنها تسلية لأهل الميت؟ وكذلك الذبح للقادمين للعزاء ولأهل الميت وكذلك الذبح للمتوفى بقولهم: إنها صدقة عنه وتوزيعها على الجماعة؟ ولأن سؤالي هذا ذو أهمية أود منكم إصدار نشرة أو كتيب.؟
تعزية أهل الميت بميتهم مشروعة لأنها من باب المواساة، ولكن تكون في حدود ما ذكره أهل العلم من الدعاء للمصاب والدعاء للميت وتكون في أيام المصيبة، ومن التعزية لأهل الميت صنعة الطعام لهم وتقديمه إليهم إذا شغلتهم المصيبة عن صنعة الطعام لأنفسهم كما أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن يصنع لآل جعفر طعامًا لأنه جاءهم ما يشغلهم. ويكون هذا الطعام بقدر حاجة أهل الميت. أما التوسع في العزاء بالاجتماعات الكبيرة وعمل الولائم واستئجار المقرئين فكل هذه الأمور آصار وأغلال أو بدع ما أنزل الله بها من سلطان يجب على المسلمين تركها والتحذير منها.
نويت أداء العمرة لأخي الأكبر حيث إنه متوفى، فأريد أن أعرف هل هذا العمل من الأعمال الدينية التي تصل للميت؟
نعم، لأن هذا شيء طيب، أداؤك العمرة عن أخيك المتوفى سواء كانت واجبة أو مستحبة، فهذا عمل جليل، ولكن بشرط أن تكون أديت عمرة الإسلام عن نفسك أولاً.
من الذي يحق له غسل الميت ذكراً كان أو أنثى من الأهل والأقربين من النساء والرجال لأننا نرى بعض الرجال يدخلون لغسل الجنائز من الرجال والنساء وأقارب أو أجانب فهل هذا صحيح؟
الرجل يغسله الرجل، ويجوز للمرأة أن تغسل زوجها، و يغسلها النساء ويجوز للرجل أن يغسل زوجته، فالزوجان يجوز لكل منهما أن يغسل الآخر لأن عليّاً رضي الله عنه غسل زوجته فاطمة رضي الله عنها، وأسماء بنت عميس رضي الله عنها غسلت أبا بكر الصديق رضي الله عنه.
أما ماعدا الزوجين فإنه لا يجوز للنساء أن تغسل الرجال، ولا يجوز للرجال أن يغسلوا النساء، بل كل جنس يغسل جنسه ولا يطلع أحدهما على عورة الآخر؛ إلا الطفل الصغير الذي هو دون التمييز فهذا لا بأس أن يغسله الرجال والنساء على حد سواء لأنه لا عورة له.
هل يجوز تشريح الميت بعد موته لاكتشاف سبب الوفاة وهو ما يسمى بالطب الشرعي؟
معلوم حرمة المسلم حيّاً وميتاً فلا يجوز إهانته وعمل شيء في جثته بعد وفاته ولا يعمل إلا ما هو مشروع كتغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وأما تشريحه لأجل معرفة سبب الوفاة فإذا دعا إلى هذا ضرورة وغرض صحيح فلا مانع فيه. وأما إذا لم يكن لضرورة ولا لمصلحة شرعية فلا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "حرمة المسلم ميتاً كحرمته حيّاً" (لم أجده بهذا اللفظ وانظر حاشية الروض المربع)، أو ما معناه، فإذا كان لمعرفة سبب الوفاة مصلحة شرعية ضرورية كمعرفة ما إذا كان مقتولاً أو غير مقتول إذا كانت وفاته غامضة ليعرف من وراء ذلك وما يترتب عليه من حكم شرعي ومصلحة شرعية، أو معرفة القاتل إذا كان يمكن معرفة آثاره على بدن الميت فلا مانع من ذلك.
من هو أولى بتغسيل المتوفاة بالترتيب؟ وهل يجوز أن يغسل الكافر المسلمة أم لا؟ وبالنسبة لإدخال المتوفاة للقبر هل يشترط أن يكون الذي يدخلها من أقربائها أم يجوز لأي شخص أن يتولى هذه المهمة فإن هناك أناساً يعملون في المقبرة لهذه المهمة، فهل يجوز أن يتولوا إدخال الميتة من النساء للقبور؟
أولاً: يتولى تغسيل القريبة فالقريبة من نسائها من كن يحسن ذلك، ويجوز أن يتولاها أي مسلمة تحسن تغسيلها ولو لم تكن من قريباتها، وكذلك زوج يجوز له أن يغسلها، كما يجوز لها أن تغسل زوجها.
وأما بالنسبة لتغسيل الكافر للمسلم فلا يجوز لأن تغسيل الميت عبادة والعبادة لا تصح من الكافر.
أما بالنسبة للمسألة الثالثة: هي من يدخل قبرها؟ فيجوز أن يدخل قبرها مسلم يحسن ذلك ولو لم يكن محرماً لها.
هل يجوز الاحتفاظ بملابس الميت؟ وإن لم يكن ذلك جائزاً فما هو الأفضل أن يفعل بها؟
يجوز الانتفاع بملابس الميت لمن يلبسها من أسرته أو أن تعطى لمن يلبسها من المحتاجين ولا تهدر، وعلى كل حال هي من التركة إذا كانت ذات قيمة فإنها تصبح من التركة تلحق بتركته وتكون للورثة.
والاحتفاظ بها للذكرى لا يجوز ولا ينبغي وقد يحرم إذا كان القصد منها التبرك بهذه الثياب وما أشبه ذلك، ثم أيضاً لهذا إهدار للمال لأن المال ينتفع به ولا يجعل محبوساً لا ينتفع به.
ما كيفية الصلاة على الميت؟
كيفية الصلاة على الميت: أن يكبر تكبيرة الإحرام، ويتعوذ بعد التكبير مباشرة ولا يستفتح، ثم يسمي ويقرأ الفاتحة. ثم يكبر، ويصلي بعدها على النبي صلى الله عليه وسلم؛ مثل الصلاة عليه في التشهد الأخير من صلاة الفريضة. ثم يكبر، ويدعو للميت بما ورد، ومنه: "اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبلده دارًا خيرًا من داره، وزوجًا خيرًا من زوج، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، وافسح له في قبره، ونور له فيه" [انظر: صحيح مسلم]، وإن كان المصلى عليه أنثى؛ قال: "اللهم اغفر لها..." ؛ بتأنيث الضمير في الدعاء كله، وإن كان المصلى عليه صغيرًا؛ قال: "اللهم اجعله لوالديه فرطًا وأجرًا وشفيعًا مجابًا" [انظر: صحيح البخاري]، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم«. ثم يكبر ويقف بعد التبكير قليلاً، ثم يسلم عن يمينه تسليمة واحدة.
ما هي الصفة الصحيحة التي وردت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في غسل الميت؟
الصفة المشروعة في غسل الميت هو أن الإنسان يغسل فرج الميت، مع ستره ثم يشرع في تغسيله، فيبدأ في أعضاء الوضوء، ويوضئه؛ إلا أنه لا يدخل الماء فمه ولا أنفه، وإنما يبل خرقة وينظف أنفه وفمه بها، ثم يغسل بقية الجسد، ويكون ذلك بسدر، والسدر هو المعروف، يدق ثم يوضع بالماء، ثم يضرب باليد حتى يكون له رغوة، فتؤخذ الرغوة ويغسل بها الرأس واللحية، ويغسل بقية البدن بفضل السدر؛ لأن ذلك ينظفه كثيرًا، ويجعل في الغسلة الأخيرة كافورًا، والكافور طيب معروف، قال العلماء: من فوائده أنه يصلب الجسد ويطرد عنه الهوام.
من العادات المعروفة والمشهورة عندنا تلقين الميت بعد وضعه في قبره وبعد أن يوارى عليه التراب، ما مدى صحة هذا الخبر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان التلقين مشروعًا ما هي صيغته وكيفيته؟ ونرجو أن تقرنوا الإجابة بالأدلة المقنعة ما أمكن ذلك. وجزاكم الله خيرًا؟
التلقين المشروع هو تلقين المحتضر عند خروج روحه بأن يلقن: لا إله إلا الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه] يعني عند الاحتضار لتكون هذه الكلمة العظيمة آخر كلامه من الدنيا حتى يلقى الله تعالى بها، ويختم له بها، فيلقن هذه الكلمة وهو في الاحتضار برفق ولين
وإذا تلفظ بها فإنها لا تعاد عليه مرة أخرى إلا إذا تكلم بكلام آخر، فإن تكلم بكلام آخر فإنها تعاد عليه برفق ولين ليتلفظ بها، وتكون آخر كلامه، هذا هو التلقين المشروع.
أما بعد خروج الروح فإن الميت لا يلقن لا قبل الدفن ولا بعد الدفن، ولم يرد بذلك سنة صحيحة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما نعلم، وإنما استحب تلقين الميت بعد دفنه جماعة من العلماء، وليس لهم دليل ثابت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فالتلقين بعد الدفن لا أصل له في السنة، وإنما التلقين المشروع هو عند الاحتضار
أمرنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نستغفر لصاحبنا عند القبر، وأن نسأل له التثبيت رواه أبو داود في سننه من حديث هاني مولى عثمان بن عفان رضي الله عنهما "، ولم يحدد لنا كيفية ذلك أو يخصص الأمر بما يفيد الترجيح لأي كيفية في الدعاء سرًّا وجهرًا، فهل دعاؤنا للميت عند القبر عبادة أم من الفضائل..؟ وهل يستوي الدعاء سرًّا وجهرًا..؟ أم أن الدعاء سرًّا من السنة والدعاء جهرًا من البدعة كما يراه بعض الأخوة..؟ علمًا بأن الأمر بالدعاء خطاب مطلق يحتمل السر والجهر، وترجيح إحدى الكيفيتين يقتضي الدليل الترجيحي، فهل من دليل على الدعاء سرًّا والدعاء جهرًا، من الكتاب أو السنة أو الإجماع القولي أو الإجماع الفعلي من الصحابة رضي الله عنهم..؟
أمرنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالاستغفار للميت المسلم وسؤال التثبيت له بعد دفنه مباشرة، وعَلَّلَ ذلك بأن هذا الوقت وقت سؤال الملكين له، فهو بحاجة للدعاء له بالتثبيت وطلب المغفرة، ولم يرد في الحديث أنهم جهروا بالدعاء والاستغفار.
ومعلوم أن الإسرار بالدعاء والاستغفار أفضل من الجهر لأنه أقرب إلى الإخلاص، ولأن الله سبحانه يسمع الدعاء سرًّا كان أو جهرًا، فلا يشرع الجهر إلا بدليل، علاوة على أن الجهر يحصل به تشويش على الآخرين، ولم يعرف - فيما أعلم - أن السلف كانوا يجهرون بالدعاء عند القبر بعد دفنه أو يدعون بصوت جماعي، وقد روى أبو داود النهي عن اتباع الميت بصوت أو نار، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" قال قيس بن عبَّاد - وهو من كبار التابعين من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه -: كانوا يستحبون خفض الصوت عند الجنائز وعند الذكر وعند القتال، وقد اتفق أهل العلم بالحديث والآثار أن هذا لم يكن على عهد القرون الثلاثة المفضلة انتهى.
وهذا يدل على أنهم لم يكونوا يرفعون الأصوات بالدعاء للميت لا مع الجنازة ولا بعد الدفن عند القبر وهم أعلم الناس بالسنة، فيكون رفع الصوت بذلك بدعة.. والله أعلم.
هل سؤال الميت في قبره حقيقي وأنه يجلس في قبره ويناقش؟
سؤال الميت في قبره حقيقي بلا شك والإنسان في قبره يجلس ويناقش ويُسأل
فإن قال قائل: إن القبر ضيق فكيف يجلس؟
فالجواب
أولاً: أن الواجب على المؤمن في الأمور الغيبية أن يقبل ويصدق، ولا يسأل كيف؟ ولم؟ لأنه لا يسأل عن كيف ولم إلا من شك، وأما من آمن وانشرح صدره لأخبار الله ورسوله، فيسلم ويقول: الله أعلم في بكيفية ذلك.
ثانياً: أن تعلق الروح بالبدن في الموت ليس كتعلقها به في حال الحياة، فللروح مع البدن شؤون عظيمة لا يدركها الإنسان، وتعلقها بالبدن بعد الموت لا يمكن أن يقاس بتعلقها به في حال الحياة، وها هو الإنسان في منامه يرى أنه ذهب، وجاء، وسافر، وكلم أناساً، والتقى بأناس أحياء وأموات، ويرى أن له بستاناً جميلاً، أو داراً موحشة مظلمة، ويرى أنه راكب على سيارة مريحة، ويرى مرة أنه راكب على سيارة مقلقة كل هذا يمكن مع أن الإنسان على فراشه ما تغير حتى الغطاء الذي عليه لم يتغير ومع ذلك فإننا نحس بهذا إحساساً ظاهراً، فتعلق الروح بالبدن بعد الموت يخالف تعلقها به في اليقظة أو في المنام ولها شأن آخر لا ندركه نحن، فالإنسان يمكن أن يجلس في قبره ويسأل ولو كان القبر محدوداً ضيقاً.
هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمنه البلاغ، وعلينا التصديق والإذعان، قال الله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً
هل المسلم إذا ألقى السلام على الميت في قبره يرد الله عليه روحه ويرد السلام؟
هذا الذي ذكره السائل جاء فيه حديث مرفوع صححه ابن عبد البر وهو أنه: "ما من مسلم يمر بقبر رجل مسلم كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد عليه روحه فرد عليه السلام".
هل تغسيل الميت ينقض الوضوء؟
تغسيل الميت لا ينقض الوضوء، وذلك أن النقض يحتاج إلى دليل شرعي يرتفع به الوضوء الثابت بدليل شرعي، ولا دليل على أن تغسيل الميت ينقض الوضوء، ولهذا يجب علينا أن نتحرى في مسألة نقض الوضوء، فلا نتجرأ على القول بأن هذا ناقض إلا إذا وجدنا دليلاً بيِّنا يكون لنا حجة عند الله سبحانه وتعالى.
.. انتهى ..
أتمنى للجميع الاستفادة والعبرة...
ينتفع الميت من عمل الحي بما دل عليه الدليل من الدعاء له والاستغفار له والتصدق عنه والحج عنه والعمرة عنه وقضاء الديون التي عليه وتنفيذ وصاياه الشرعية كل ذلك قد دلت الأدلة على مشروعيته. وقد ألحق بها بعض العلماء كل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها لمسلم حي أو ميت. والصحيح الاقتصار على ما ورد به الدليل ويكون ذلك مخصصًا لقوله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى} [سورة النجم: آية 39] .
كيف يكون العزاء في الميت؟ وهل هو بالاجتماع في منزل المتوفى طوال الثلاثة أيام مع ما يحصل من لهو وغيبة ويقولون: إنها تسلية لأهل الميت؟ وكذلك الذبح للقادمين للعزاء ولأهل الميت وكذلك الذبح للمتوفى بقولهم: إنها صدقة عنه وتوزيعها على الجماعة؟ ولأن سؤالي هذا ذو أهمية أود منكم إصدار نشرة أو كتيب.؟
تعزية أهل الميت بميتهم مشروعة لأنها من باب المواساة، ولكن تكون في حدود ما ذكره أهل العلم من الدعاء للمصاب والدعاء للميت وتكون في أيام المصيبة، ومن التعزية لأهل الميت صنعة الطعام لهم وتقديمه إليهم إذا شغلتهم المصيبة عن صنعة الطعام لأنفسهم كما أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن يصنع لآل جعفر طعامًا لأنه جاءهم ما يشغلهم. ويكون هذا الطعام بقدر حاجة أهل الميت. أما التوسع في العزاء بالاجتماعات الكبيرة وعمل الولائم واستئجار المقرئين فكل هذه الأمور آصار وأغلال أو بدع ما أنزل الله بها من سلطان يجب على المسلمين تركها والتحذير منها.
نويت أداء العمرة لأخي الأكبر حيث إنه متوفى، فأريد أن أعرف هل هذا العمل من الأعمال الدينية التي تصل للميت؟
نعم، لأن هذا شيء طيب، أداؤك العمرة عن أخيك المتوفى سواء كانت واجبة أو مستحبة، فهذا عمل جليل، ولكن بشرط أن تكون أديت عمرة الإسلام عن نفسك أولاً.
من الذي يحق له غسل الميت ذكراً كان أو أنثى من الأهل والأقربين من النساء والرجال لأننا نرى بعض الرجال يدخلون لغسل الجنائز من الرجال والنساء وأقارب أو أجانب فهل هذا صحيح؟
الرجل يغسله الرجل، ويجوز للمرأة أن تغسل زوجها، و يغسلها النساء ويجوز للرجل أن يغسل زوجته، فالزوجان يجوز لكل منهما أن يغسل الآخر لأن عليّاً رضي الله عنه غسل زوجته فاطمة رضي الله عنها، وأسماء بنت عميس رضي الله عنها غسلت أبا بكر الصديق رضي الله عنه.
أما ماعدا الزوجين فإنه لا يجوز للنساء أن تغسل الرجال، ولا يجوز للرجال أن يغسلوا النساء، بل كل جنس يغسل جنسه ولا يطلع أحدهما على عورة الآخر؛ إلا الطفل الصغير الذي هو دون التمييز فهذا لا بأس أن يغسله الرجال والنساء على حد سواء لأنه لا عورة له.
هل يجوز تشريح الميت بعد موته لاكتشاف سبب الوفاة وهو ما يسمى بالطب الشرعي؟
معلوم حرمة المسلم حيّاً وميتاً فلا يجوز إهانته وعمل شيء في جثته بعد وفاته ولا يعمل إلا ما هو مشروع كتغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وأما تشريحه لأجل معرفة سبب الوفاة فإذا دعا إلى هذا ضرورة وغرض صحيح فلا مانع فيه. وأما إذا لم يكن لضرورة ولا لمصلحة شرعية فلا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "حرمة المسلم ميتاً كحرمته حيّاً" (لم أجده بهذا اللفظ وانظر حاشية الروض المربع)، أو ما معناه، فإذا كان لمعرفة سبب الوفاة مصلحة شرعية ضرورية كمعرفة ما إذا كان مقتولاً أو غير مقتول إذا كانت وفاته غامضة ليعرف من وراء ذلك وما يترتب عليه من حكم شرعي ومصلحة شرعية، أو معرفة القاتل إذا كان يمكن معرفة آثاره على بدن الميت فلا مانع من ذلك.
من هو أولى بتغسيل المتوفاة بالترتيب؟ وهل يجوز أن يغسل الكافر المسلمة أم لا؟ وبالنسبة لإدخال المتوفاة للقبر هل يشترط أن يكون الذي يدخلها من أقربائها أم يجوز لأي شخص أن يتولى هذه المهمة فإن هناك أناساً يعملون في المقبرة لهذه المهمة، فهل يجوز أن يتولوا إدخال الميتة من النساء للقبور؟
أولاً: يتولى تغسيل القريبة فالقريبة من نسائها من كن يحسن ذلك، ويجوز أن يتولاها أي مسلمة تحسن تغسيلها ولو لم تكن من قريباتها، وكذلك زوج يجوز له أن يغسلها، كما يجوز لها أن تغسل زوجها.
وأما بالنسبة لتغسيل الكافر للمسلم فلا يجوز لأن تغسيل الميت عبادة والعبادة لا تصح من الكافر.
أما بالنسبة للمسألة الثالثة: هي من يدخل قبرها؟ فيجوز أن يدخل قبرها مسلم يحسن ذلك ولو لم يكن محرماً لها.
هل يجوز الاحتفاظ بملابس الميت؟ وإن لم يكن ذلك جائزاً فما هو الأفضل أن يفعل بها؟
يجوز الانتفاع بملابس الميت لمن يلبسها من أسرته أو أن تعطى لمن يلبسها من المحتاجين ولا تهدر، وعلى كل حال هي من التركة إذا كانت ذات قيمة فإنها تصبح من التركة تلحق بتركته وتكون للورثة.
والاحتفاظ بها للذكرى لا يجوز ولا ينبغي وقد يحرم إذا كان القصد منها التبرك بهذه الثياب وما أشبه ذلك، ثم أيضاً لهذا إهدار للمال لأن المال ينتفع به ولا يجعل محبوساً لا ينتفع به.
ما كيفية الصلاة على الميت؟
كيفية الصلاة على الميت: أن يكبر تكبيرة الإحرام، ويتعوذ بعد التكبير مباشرة ولا يستفتح، ثم يسمي ويقرأ الفاتحة. ثم يكبر، ويصلي بعدها على النبي صلى الله عليه وسلم؛ مثل الصلاة عليه في التشهد الأخير من صلاة الفريضة. ثم يكبر، ويدعو للميت بما ورد، ومنه: "اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبلده دارًا خيرًا من داره، وزوجًا خيرًا من زوج، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، وافسح له في قبره، ونور له فيه" [انظر: صحيح مسلم]، وإن كان المصلى عليه أنثى؛ قال: "اللهم اغفر لها..." ؛ بتأنيث الضمير في الدعاء كله، وإن كان المصلى عليه صغيرًا؛ قال: "اللهم اجعله لوالديه فرطًا وأجرًا وشفيعًا مجابًا" [انظر: صحيح البخاري]، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم«. ثم يكبر ويقف بعد التبكير قليلاً، ثم يسلم عن يمينه تسليمة واحدة.
ما هي الصفة الصحيحة التي وردت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في غسل الميت؟
الصفة المشروعة في غسل الميت هو أن الإنسان يغسل فرج الميت، مع ستره ثم يشرع في تغسيله، فيبدأ في أعضاء الوضوء، ويوضئه؛ إلا أنه لا يدخل الماء فمه ولا أنفه، وإنما يبل خرقة وينظف أنفه وفمه بها، ثم يغسل بقية الجسد، ويكون ذلك بسدر، والسدر هو المعروف، يدق ثم يوضع بالماء، ثم يضرب باليد حتى يكون له رغوة، فتؤخذ الرغوة ويغسل بها الرأس واللحية، ويغسل بقية البدن بفضل السدر؛ لأن ذلك ينظفه كثيرًا، ويجعل في الغسلة الأخيرة كافورًا، والكافور طيب معروف، قال العلماء: من فوائده أنه يصلب الجسد ويطرد عنه الهوام.
من العادات المعروفة والمشهورة عندنا تلقين الميت بعد وضعه في قبره وبعد أن يوارى عليه التراب، ما مدى صحة هذا الخبر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان التلقين مشروعًا ما هي صيغته وكيفيته؟ ونرجو أن تقرنوا الإجابة بالأدلة المقنعة ما أمكن ذلك. وجزاكم الله خيرًا؟
التلقين المشروع هو تلقين المحتضر عند خروج روحه بأن يلقن: لا إله إلا الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه] يعني عند الاحتضار لتكون هذه الكلمة العظيمة آخر كلامه من الدنيا حتى يلقى الله تعالى بها، ويختم له بها، فيلقن هذه الكلمة وهو في الاحتضار برفق ولين
وإذا تلفظ بها فإنها لا تعاد عليه مرة أخرى إلا إذا تكلم بكلام آخر، فإن تكلم بكلام آخر فإنها تعاد عليه برفق ولين ليتلفظ بها، وتكون آخر كلامه، هذا هو التلقين المشروع.
أما بعد خروج الروح فإن الميت لا يلقن لا قبل الدفن ولا بعد الدفن، ولم يرد بذلك سنة صحيحة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما نعلم، وإنما استحب تلقين الميت بعد دفنه جماعة من العلماء، وليس لهم دليل ثابت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فالتلقين بعد الدفن لا أصل له في السنة، وإنما التلقين المشروع هو عند الاحتضار
أمرنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نستغفر لصاحبنا عند القبر، وأن نسأل له التثبيت رواه أبو داود في سننه من حديث هاني مولى عثمان بن عفان رضي الله عنهما "، ولم يحدد لنا كيفية ذلك أو يخصص الأمر بما يفيد الترجيح لأي كيفية في الدعاء سرًّا وجهرًا، فهل دعاؤنا للميت عند القبر عبادة أم من الفضائل..؟ وهل يستوي الدعاء سرًّا وجهرًا..؟ أم أن الدعاء سرًّا من السنة والدعاء جهرًا من البدعة كما يراه بعض الأخوة..؟ علمًا بأن الأمر بالدعاء خطاب مطلق يحتمل السر والجهر، وترجيح إحدى الكيفيتين يقتضي الدليل الترجيحي، فهل من دليل على الدعاء سرًّا والدعاء جهرًا، من الكتاب أو السنة أو الإجماع القولي أو الإجماع الفعلي من الصحابة رضي الله عنهم..؟
أمرنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالاستغفار للميت المسلم وسؤال التثبيت له بعد دفنه مباشرة، وعَلَّلَ ذلك بأن هذا الوقت وقت سؤال الملكين له، فهو بحاجة للدعاء له بالتثبيت وطلب المغفرة، ولم يرد في الحديث أنهم جهروا بالدعاء والاستغفار.
ومعلوم أن الإسرار بالدعاء والاستغفار أفضل من الجهر لأنه أقرب إلى الإخلاص، ولأن الله سبحانه يسمع الدعاء سرًّا كان أو جهرًا، فلا يشرع الجهر إلا بدليل، علاوة على أن الجهر يحصل به تشويش على الآخرين، ولم يعرف - فيما أعلم - أن السلف كانوا يجهرون بالدعاء عند القبر بعد دفنه أو يدعون بصوت جماعي، وقد روى أبو داود النهي عن اتباع الميت بصوت أو نار، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" قال قيس بن عبَّاد - وهو من كبار التابعين من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه -: كانوا يستحبون خفض الصوت عند الجنائز وعند الذكر وعند القتال، وقد اتفق أهل العلم بالحديث والآثار أن هذا لم يكن على عهد القرون الثلاثة المفضلة انتهى.
وهذا يدل على أنهم لم يكونوا يرفعون الأصوات بالدعاء للميت لا مع الجنازة ولا بعد الدفن عند القبر وهم أعلم الناس بالسنة، فيكون رفع الصوت بذلك بدعة.. والله أعلم.
هل سؤال الميت في قبره حقيقي وأنه يجلس في قبره ويناقش؟
سؤال الميت في قبره حقيقي بلا شك والإنسان في قبره يجلس ويناقش ويُسأل
فإن قال قائل: إن القبر ضيق فكيف يجلس؟
فالجواب
أولاً: أن الواجب على المؤمن في الأمور الغيبية أن يقبل ويصدق، ولا يسأل كيف؟ ولم؟ لأنه لا يسأل عن كيف ولم إلا من شك، وأما من آمن وانشرح صدره لأخبار الله ورسوله، فيسلم ويقول: الله أعلم في بكيفية ذلك.
ثانياً: أن تعلق الروح بالبدن في الموت ليس كتعلقها به في حال الحياة، فللروح مع البدن شؤون عظيمة لا يدركها الإنسان، وتعلقها بالبدن بعد الموت لا يمكن أن يقاس بتعلقها به في حال الحياة، وها هو الإنسان في منامه يرى أنه ذهب، وجاء، وسافر، وكلم أناساً، والتقى بأناس أحياء وأموات، ويرى أن له بستاناً جميلاً، أو داراً موحشة مظلمة، ويرى أنه راكب على سيارة مريحة، ويرى مرة أنه راكب على سيارة مقلقة كل هذا يمكن مع أن الإنسان على فراشه ما تغير حتى الغطاء الذي عليه لم يتغير ومع ذلك فإننا نحس بهذا إحساساً ظاهراً، فتعلق الروح بالبدن بعد الموت يخالف تعلقها به في اليقظة أو في المنام ولها شأن آخر لا ندركه نحن، فالإنسان يمكن أن يجلس في قبره ويسأل ولو كان القبر محدوداً ضيقاً.
هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمنه البلاغ، وعلينا التصديق والإذعان، قال الله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً
هل المسلم إذا ألقى السلام على الميت في قبره يرد الله عليه روحه ويرد السلام؟
هذا الذي ذكره السائل جاء فيه حديث مرفوع صححه ابن عبد البر وهو أنه: "ما من مسلم يمر بقبر رجل مسلم كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد عليه روحه فرد عليه السلام".
هل تغسيل الميت ينقض الوضوء؟
تغسيل الميت لا ينقض الوضوء، وذلك أن النقض يحتاج إلى دليل شرعي يرتفع به الوضوء الثابت بدليل شرعي، ولا دليل على أن تغسيل الميت ينقض الوضوء، ولهذا يجب علينا أن نتحرى في مسألة نقض الوضوء، فلا نتجرأ على القول بأن هذا ناقض إلا إذا وجدنا دليلاً بيِّنا يكون لنا حجة عند الله سبحانه وتعالى.
.. انتهى ..
أتمنى للجميع الاستفادة والعبرة...