عن حكيم بن قيس بن عاصم عن أبيه أنه أوصى بنيه قال :
"عليكم بالمال واصطناعه , فإنه منبهة للكريم , ويستغنى به
عن اللئيم , وإياكم ومسألة الناس فإنه آخر كسب الرجل "
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
"مافتح رجل على نفسه باب مسألة , إلا فتح الله عليه باب
فقر فاستعفوا "
وقال سعيد بن العاص لابنه:
"يا بني أقبح الله المعروف إذا لم يكن ابتداء من غير مسألة,
فأما إذا أتاك ترى دمه في وجهه, ومخاطرا لا يدري أتعطيه
أم تمنعه, فوالله لو خرجتَ له من جميع مالك ما كافأته"
وقيل أيضا :
ونقل الصخر من الجبال ** أخف علي من منن الرجال
يقول الناس كسب فيه عار ** فقلت العار في ذل السؤال
وعن عمر ابن عبد العزيز أنه قال:
"يا أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب , فلو كان رزق
أحدكم في قلة جبل , أو في حضيض أرض, لأكل رزقه, فاتقوا
الله وأجملوا في الطلب "
وقيل :
لا تخضعن لمخلوق على طمع ** فإن ذاك مضر منك بالدين
واسترزق الله مما في خزائنه ** فإنما هي بين الكاف والنون
وقيل أيضا :
شاد الملوك قصورهم وتحصنوا ** من كل طالب حاجة وراغب
غالوا بأبواب الحديد لعزها ** وتنوقوا في قبح وجه الحاجب
فإذا تلطف في الدخول إليهم ** عاف تلقوه بوعد كاذب
فاطلب إلى ملك الملوك ولا تكن ** يا ذا الضراعة طالبا من طالب
كتب بعض بني أمية إلى أبي حازم يعزم عليه
أن يرفع إليه حوائجه فكتب إليه :
"أما بعد فقد جاءني كتابك تعزم علي ألا رفعت حوائجي إليك ,
وهيهات , رفعت حوائجي لمن لا تنصر الحوائج دونه, فما
أعطاني منها قبلت, وما أمسك عني منها رضيت "
وقال أبو حازم:
"كيف أخاف الفقر ولمولاي ما في السماوات وما في الأرض
وما بينهما وما تحت الثرى"
قال وهب بن منبه لعطاء الخراساني:
"ويحك يا عطاء, ألم أخبر أنك تحمل علمك إلى أبواب الملوك,
وأبناء الدنيا, ويحك يا عطاء تأتي من يغلق عنك بابه, ويظهر
لك فقره, ويواري عنك غناه, وتدع من يفتح لك بابه, ويظهر
لك غناه ويقول:( ادعوني أستجب لكم ), ويحك ياعطاء ,
إن كان يغنيك ما يكفيك , فإن أدنى ما الدنيا يكفيك, وإن كان
لا يغنيك ما يكفيك , فليس في الدنيا شيء يكفيك, ويحك يا
عطاء, إنما بطنك بحر من البحور, وواد من الأودية,
ولا يملأه شيء إلا التراب "
لقي بن سلام كعب الأحبار* عند عمر
فقال: ياكعب من أرباب العلم
فقال: الذين يعملون به
قال: فما يذهب العلم من قلوب العلماء بعد إذ عقلوه
وحفظوه.
قال يذهبه الطمع, وشره النفس ,وتطلب الحاجات
إلى الناس.
قال صدقت "
*هو كعب بن ماتع الحميري كان حبرا من أحبار
اليهود وأسلم في عهد عمر بن الخطاب