تباً ، لقد اختنقتُ برائحةِ الحِبر
هذا ما يقوله دفترُ مسودَّتي حين نفترقُ آخر الليل
سُحقاً ، لم أُجففْ نفسي بعد
هكذا نلتقي صباحاً
لو كان بإمكانِ الأوراقِ البيضاءَ أن تتظاهرَ لرَفَعتْ لافتاتٍ كُتِبَ فيها :
لماذا تلوثوني بخربشاتكم ؟!
لماذا تتركونَ آثار أقدامِكم على وجهي في حين بإمكانِكم أن تعبُروني خِفافاً ؟!
تباً لكُم ، لِمَ تكتبون ؟!
أَوَلَمْ تستمعوا لأحاديثِ الرَّقابة ليلةَ أمس ؟
قالوا : إنَّ بيتَ شَاعرٍ احترقَ ، فاختنقَ المسكينُ بدُخانِ قصَائِده
وذكرُوا أنَّ أديباً غرق داخلَ دواة
وأنَّ آخر دخلَ دفتراً فتَاهَ في دِهليزِ السُّطورِ ولمْ يخرجْ بعد !
وأنَّ محكمةَ الجناياتِ برَّأتْ ضَبَّة وأهلَه من دمِ المتنبي
فقد قتلَه بيتُ شِعرٍ قاله لحظةَ غُرور
وبعد استئنافٍ قيَّدوا مقتله ضِمنَ جرائِمِ الشَّرف !
تباً ، لقد تبيَّنَ أنَّ الكُتبَ قاتلٌ محترف
فقد ضَبطوها بالجُرمِ المشْهودِ فوقَ جُثةِ الجَاحظ
وجاءَ في محضَرِ التَّحقيقِ أنَّها خنقته حتى المَوت
ومن يومِها اعتبروا أنَّ الكتابَة شُروعٌ في القتلِ
مسَاؤُكم موشَّحٌ بالدَّمِ أيها القتلة !!
أعرفُ أني أبيعُ مظلاتٍ في بلادٍ يهوى فيها الناسُ معانقة المَطر !
وأنَّه لن يشتريَ مني أحد
وأنَّكم ستقولونَ لي نهايةَ المَطافِ : تباً لكَ ، أَلِهذا جمعتنا !
لقد عرفتُ أني بائعٌ سيءٌ
يوم عرفتُ أنَّه ليسَ بإمكاني أن أمثِّل دورَ بائعةَ هَوى
جسدُها ينادي عليكَ وروحها تلعنُ شجرةَ عائلتكَ وصُولاً لجدِّكَ السَّابع
لا يمكنني أن أتصنَّعَ ألماً لا أعيشُه
ولو لأجلِ المال
والمالُ بالمناسبةِ هو ذاك الشيءُ التافهُ الذي لا يعنيني
ولكنِّي أحتاجُه لشراءِ دفترٍ يلعنُنِي حينَ أكتب عليه !!
أعرفُ أنِّي أحتاجُ إلى أكثر من كلماتٍ
لإقناعكُم بهذه الترهات التي لم أَقتنعْ بها بعد
فلن تكفوا عن الكتابة
لسببٍ وحيدٍ ، لأنكم مثلي تماما ً ... حمقى
لأنَّ الكتابة هي الشيءُ الوحيدُ الذي تجيدونَه
لأنَّكم تفضلون رائحةَ الحبرِ على رائحةِ البخور
لأنَّكم تؤمنون أنَّ الكتابةَ هي حِصانُ طِروادة الذي تحتاجونَه لاقتحام ذواتِكم
لأَنَّها كل ما تبقَّى لكُم في زمنٍ لم يتبقَّ لكم فيه شَيء
لأنَّكم تؤمنون أنَّ بالكتابةِ يمكنكُم التآمرُ على الوقت
ولأنَّها وسيلتكُم الوحيدة لمعانقةِ أرواحِكم
تباً لعواصم الثقافةِ التي تركل مثقفيها على مؤخراتهم !
وتفتحُ ذراعيها عميقاً لأهلِ الطرب
تباً لوزاراتِ الثقافةِ التي تُعاني من أنيميا الثقافة
متى ستخرجُ علينا قائلةً :
خُذ بئر نفطٍ وأعطني مقالاً حُراً تعرفُ به الرَّعيةُ رأسَها من رجليها
وبئراً آخر إن عرفوا كيف تُورد الإبلُ ومن أينَ تُؤكل الكتفُ
سجَّل التاريخُ أنَّ أقلاماً كثيرة غيَّرت مسارات جيوشٍ كثيرة
ولكنه لم يسجٍّل أن جيشاً استطاع أن يغيّر مسار قلم حر واحد !
هذا ما يقوله دفترُ مسودَّتي حين نفترقُ آخر الليل
سُحقاً ، لم أُجففْ نفسي بعد
هكذا نلتقي صباحاً
لو كان بإمكانِ الأوراقِ البيضاءَ أن تتظاهرَ لرَفَعتْ لافتاتٍ كُتِبَ فيها :
لماذا تلوثوني بخربشاتكم ؟!
لماذا تتركونَ آثار أقدامِكم على وجهي في حين بإمكانِكم أن تعبُروني خِفافاً ؟!
تباً لكُم ، لِمَ تكتبون ؟!
أَوَلَمْ تستمعوا لأحاديثِ الرَّقابة ليلةَ أمس ؟
قالوا : إنَّ بيتَ شَاعرٍ احترقَ ، فاختنقَ المسكينُ بدُخانِ قصَائِده
وذكرُوا أنَّ أديباً غرق داخلَ دواة
وأنَّ آخر دخلَ دفتراً فتَاهَ في دِهليزِ السُّطورِ ولمْ يخرجْ بعد !
وأنَّ محكمةَ الجناياتِ برَّأتْ ضَبَّة وأهلَه من دمِ المتنبي
فقد قتلَه بيتُ شِعرٍ قاله لحظةَ غُرور
وبعد استئنافٍ قيَّدوا مقتله ضِمنَ جرائِمِ الشَّرف !
تباً ، لقد تبيَّنَ أنَّ الكُتبَ قاتلٌ محترف
فقد ضَبطوها بالجُرمِ المشْهودِ فوقَ جُثةِ الجَاحظ
وجاءَ في محضَرِ التَّحقيقِ أنَّها خنقته حتى المَوت
ومن يومِها اعتبروا أنَّ الكتابَة شُروعٌ في القتلِ
مسَاؤُكم موشَّحٌ بالدَّمِ أيها القتلة !!
أعرفُ أني أبيعُ مظلاتٍ في بلادٍ يهوى فيها الناسُ معانقة المَطر !
وأنَّه لن يشتريَ مني أحد
وأنَّكم ستقولونَ لي نهايةَ المَطافِ : تباً لكَ ، أَلِهذا جمعتنا !
لقد عرفتُ أني بائعٌ سيءٌ
يوم عرفتُ أنَّه ليسَ بإمكاني أن أمثِّل دورَ بائعةَ هَوى
جسدُها ينادي عليكَ وروحها تلعنُ شجرةَ عائلتكَ وصُولاً لجدِّكَ السَّابع
لا يمكنني أن أتصنَّعَ ألماً لا أعيشُه
ولو لأجلِ المال
والمالُ بالمناسبةِ هو ذاك الشيءُ التافهُ الذي لا يعنيني
ولكنِّي أحتاجُه لشراءِ دفترٍ يلعنُنِي حينَ أكتب عليه !!
أعرفُ أنِّي أحتاجُ إلى أكثر من كلماتٍ
لإقناعكُم بهذه الترهات التي لم أَقتنعْ بها بعد
فلن تكفوا عن الكتابة
لسببٍ وحيدٍ ، لأنكم مثلي تماما ً ... حمقى
لأنَّ الكتابة هي الشيءُ الوحيدُ الذي تجيدونَه
لأنَّكم تفضلون رائحةَ الحبرِ على رائحةِ البخور
لأنَّكم تؤمنون أنَّ الكتابةَ هي حِصانُ طِروادة الذي تحتاجونَه لاقتحام ذواتِكم
لأَنَّها كل ما تبقَّى لكُم في زمنٍ لم يتبقَّ لكم فيه شَيء
لأنَّكم تؤمنون أنَّ بالكتابةِ يمكنكُم التآمرُ على الوقت
ولأنَّها وسيلتكُم الوحيدة لمعانقةِ أرواحِكم
تباً لعواصم الثقافةِ التي تركل مثقفيها على مؤخراتهم !
وتفتحُ ذراعيها عميقاً لأهلِ الطرب
تباً لوزاراتِ الثقافةِ التي تُعاني من أنيميا الثقافة
متى ستخرجُ علينا قائلةً :
خُذ بئر نفطٍ وأعطني مقالاً حُراً تعرفُ به الرَّعيةُ رأسَها من رجليها
وبئراً آخر إن عرفوا كيف تُورد الإبلُ ومن أينَ تُؤكل الكتفُ
سجَّل التاريخُ أنَّ أقلاماً كثيرة غيَّرت مسارات جيوشٍ كثيرة
ولكنه لم يسجٍّل أن جيشاً استطاع أن يغيّر مسار قلم حر واحد !