االقابضوون على جمر االبقااء Gl

الجمعة 3/9/2010

كتاب "حُمَاةُ الدِّيَارِ"، من تأليف د. خالد تركي، يحكي فيه وقائع تاريخيَّة محكيَّة لرفاق ورفيقات شيوعيّين.


صدر مؤخَّرًا في حيفا كتاب بعنوان "حُمَاةُ الدِّيَارِ"، من تأليف د. خالد تركي، حيث يحكي فيه وقائع تاريخيَّة محكيَّة لرفاق ورفيقات شيوعيِّين وجدوا راحتهم، كما جاء في مقدِّمة الكتاب، "في كدِّهم وتعبهم وشقائهم، وكم كانت غبطتهم كبيرة حين كانوا يقطفون ثمرة تعبهم حيث كانوا يكتفون بأقلِّ من النَّزر اليسير، لأنَّهم كانوا يعملون عمل النَّملة بتأنٍّ وعمل النَّحلة بنظامٍ، لكي يحيكوا لشعبهم الرَّازح تحت الاحتلال ولطبقتهم العاملة المُضطَّهدة درع المجد والكبرياء والصُّمود"، ويحكي فيه عن الرّفاق/ الرّفيقات الذين "بقوا قابضين على الجمر الملتهب، أوفياءً للعهد الذي قطعوه على أنفسهم في سبيل الحفاظ على وجود شعبهم ووجودهم فوق أرضهم، في سبيل مجد وعزَّة وكرامة الوطن بضميرٍ حيٍّ ومنير وإيمان ثابت، كقول الشّاعر محمّد مهدي الجواهري:
بَاقٍ-وَأَعْمَارُ الطُّغَاةِ قِصَارُ– مِنْ سِفْرِ مَجْدِِكَ عَاطِرٌ مَوَّارُ
وَالمَجْدُ أَنْ تُهْدِي حَيَاتَكَ كَلَّهَا لِلنَّاسِ لا بَرَمٌ ولا إقْتَارُ
وَالمَجْدُ أَنْ يَحْمِيكَ مَجْدُكَ وَحْدَهُ فِي النَّاسِ..لا شُرَطٌ ولا أَنْصَارُ
وَالمَجْدُ إِشْعَاعُ الضَّمِيرِ لِضُوئِهِ تَهْفُو القُلُوبُ، وتَشْخَصُ الأَبْصَارُ
وَالمَجْدُ جَبَّارٌ عَلَى أَعْتَابِهِ تَهْوِي الرُّؤُوسُ..وَيَسْقُطُ الجَبَّارُ"
لقد أراد د. خالد تركي من كتابه "حُمَاةُ الدِّيَارِ" "تدوين الحقائق التَّاريخيَّة المعروفة، من خلال كتاباته السَّابقة من على صفحات صحيفة الشّعب، الاتّحاد، النّاطقة باسم حزبنا الشّيوعي في بلادنا، باقتضاب.." حيث "..ركّز على الحقائق المحكيَّة والمعيشيَّة اليوميَّة والتي لم تُذكر قط ولا يعرفها أحد من خارج نطاق هذه القرية/ المدينة أو تلك أو حتّى يجهلها أهل القرية/ المدينة من الشَّباب/ الشَّابَّات تمامًا، أو يتجاهلها عمدًا، وحتى لا تبقى في بوتقة محصورة ضيّقة، في ذاكرة مجموعة مُعيَّنة من النَّاس، رفاقنا، ولا يعرف غيرنا عنها شيئًا، فقد أراد تدوين الحقائق حتى لا تكون عرضةً للضَّياع إذا لم يتم تدارك الأمر عاجلاً".
لأنَّ "..هذه الوقائع المُخبَّأة في أفئدة الرِّفاق الذين ينتظرون اللحظة الكاشِفة كي
يفتحوا عبَّهم ويُفرِّجوا عمَّا في صدورهم ويُفرِجوا عن حكاياتهم ويُطلقوا سراح أسرارهم الدَّفينة حتَّى لا تضيع كلَّما هبَّت الرِّيح أو كي لا تُوارى التُّراب مع حافظها يوم تأتي ساعة الحشر، فتزول بمجرَّد غيابهم عن الأرض، لقد أردتُ كتابة ذاكرة الرِّفاق وتدوينها لتقف بوضوح كقرص الشَّمس في قبَّة السَّماء الزَّرقاء مكشوفة لجميع الأنام، وأمام كلِّ من تسوِّل له نفسه تزوير الحقائق أو تغيير شيء من ذاكرة هؤلاء الأبطال، وتغييب تاريخ رفاقنا/ رفيقاتنا وكتبتُ بطولاتهم حتى لا تكون ذكرياتهم محكيَّة فحسب، بل وثيقة شرفٍ مكتوبة ومُدوَّنة لمعرفة حيَّة مزروعة في وجدان وضمير جماهير شعبنا، لذلك علينا أن نحفظها ونُحافظ عليها ونحرَص عليها ونحرسها من أيِّ اعتداء أو تطاول وحتى نُعزِّزها، علينا انتشالها من آبار ذاكرتنا لتروي ظمأ العِطاش وتروي قصَّة رفاق/ رفيقات جُبِلوا من طينة أخرى مميَّزة.."
ويهدي د. خالد كتابه " إلى الذين شقُّوا لنا الطَّريق بعرقهم وكدِّهم وأناروا دربنا بنور عطائهم وتفانيهم وفكرهم ليحافظوا على وجودنا فوق أرضنا وبقائنا في وطننا الذي ليس لنا وطن سواه ولنسير، من بعدهم، بخطى ثابتة وأكيدة نحو السَّلام العادل وعودة اللاجئين وبناء العدالة الاجتماعيَّة. وإلى روح المناضل داود تركي، أبي عايدة".
أمَّا الكتاب فهو مكوَّن من 294 صفحة من الحجم الوسط، ويحتوي على 35 فصلاً، حيث يدوِّن كلُّ فصل سيرة حياة رفيق أو رفيقة، من مناطق الوطن المختلفة، الذين استطاع د. خالد أن يقابلهم ويكتب ما في قلوبهم من وقائع هامَّة ومفصليَّة في تاريخ شعبنا.
يتضمَّن الكتاب صورًا للرِّفاق/ للرَّفيقات وكذلك صورة للمنشور الذي كان قد
وزَّعه الرَّفاق على جماهير شعبنا عام النَّكبة، باسم "عصبة التّحرّر الوطني"، ذلك
المنشور الذي دعا المواطنين إلى البقاء في الوطن وعدم الرَّحيل وترك البلد والتَّشبُّث بالأرض، حيث وُزِّع في كلِّ مناطق حيفا العربيَّة، كذلك اهتمَّ الرِّفاق على توزيعه في الميناء، حيث قاموا بعدها بنقل المنشور، تحت النَّار، إلى باقي مناطق الوطن من مدن وقرى، لتوزيعِهِ.