*** أيشــدو البلبــل مــن جـديــد ***
ها هي الشمس تحرقني والساعة تشير إلى الثامنة صباحاً كعادتي سهوت وأنا أجلس على الكرسي وسط المنزل انتظر نور الشمس يداعب الماء وهي تترقرق تعزف لحن الحياة, تتندى على أوراق الليمونة المتدلية بغنج وسط البحرة, وعبق النانرجة و الياسمين يفوح مع نسمات الصباح بينما أحتسي فنجان القهوة.
تراجعت إلى الظل أكمل فنجان القهوة المتزمت, وصدى شدو البلبل من بعيد, أشعر أن انحناء الليمونة لم يعد عنجاً كما كان, بل هي الأيام أثقلت ظهرينا وباتت الأطراف تيبس من نسمة الصباح الباردة مع توالي الأيام .
نظرت إلى البحرة وقد التفت من حولها غرف المنزل الفارغة. أشعر ببعض الضيق يعتلي صدري (خيراً إن شاء الله) أطلت النظر وأنا ارجع شريط الذكريات القديم كيف كان عدنان يرشق حنان بماء البحرة و هي تصرخ و تنادي أمي .. أمي . مضت الأيام بسرعة و حنان اليوم في بيت زوجها و عدنان يكمل تعليمة في الغرب .( لعن الله الغربة )
عدتُ وأبا عدنان وحدنا من جديد كأننا عروسين ولكن طوت الأيام صفحاتها عليهم و تقادمت السنين.
سأرتشف ما بقي من القهوة و ايقظ أبو عدنان للذهاب إلى العمل, وفجأة صوت الهاتف يرن ....
تناولت السماعة
ألو ..
السلام عليكم ..
كيف حالك أمي .. كيف حال أبي
الحمد لله...
كيف حالك .. كيف هي دراستك
اتصلت لأخبركِ أني لن أستطيع العودة الآن كما وعدتكِ سأضطر للبقاء ستة أشهر إضافية أستكمل فيها مواد الدراسة ..
حبيبي .. أريدك أن تعود بأسرع وقت فقد وجدت لك عروس المستقبل إنها ابنه جارنا حسناء ..
تمهلي أمي .. أجلي هذا .. أجلي هذا ..
وأنقطع الهاتف .
عدت لأقف بجوار البحرة
ها هي الحيرة تلفني من جديد , لم استطع الحديث معه مطولاً , مازالت الكلمات تتدافع على لساني تحاول البوح بأنين النفس وحرقة القلب , ولكن هذا الهاتف اللعين ..
لا أملك نفسي عن البكاء .. بكيت ..
بكيت بحرقة أسمعها في حفيف الليمونة في زهر الياسمين يتساقط و دمعي يملئ البحرة , رفعت راسي وعيناي المخضبتان بالدمع تحاور الليمونة, وشدو البلبل يبتعد
آه ٍ... آه
أيعود المسافر إلى دياره أم يطيب له عيش البعاد وصحبة الغرباء أيعود أضمه .. اعانقه... أشمه
أيعود البلبل إلى غصونك ... أيشدو البلبل من جديد .