تصل البنات إلى مرحلة البلوغ عادة قبل الأولاد بعامين وتستغرق فترة البلوغ منذ بدايتها حتى نهايتها سنتين إلى أربع سنوات، وخلال هذه الفترة تفرز المبايض هرمون الأستروجين بكميات متزايدة. ويمثل بداية نزول الطمث علامة فارقة لدخول البنت مرحلة عمرية جديدة وحساسة ويعتمد وقت بداية نزول الطمث على عوامل كثيرة منها البيئة المحيطة والأسرة وتوارث الصفات الوراثية، ومدة الدورة الشهرية لدى الفتيات والسيدات على السواء هي 28بمعدل يوما تزيد وتنقص بأسبوع واحد، وفترة نزول الدم بين 3 - 7 أيام وبمعدل متوسط حوالي 50 مليليتر، وقد يختلف الدم من شهر لآخر في كميته وطول فترته وهي عبارة عن سلسلة مترابطة ومتصلة من التفاعلات الهرمونية والعصبية تتم في تسلسل دقيق متناسق بين مراكز الدماغ العليا والغدد الصماء صاحبة الاختصاص مثل الغدة النخامية والدرقية والمبايض والرحم، وحدوث أي خلل في أي من هذه الغدد أو المراكز العليا الموجودة في الدماغ أو الرحم سيؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية.
من المهم لكل سيدة وفتاة أن تدرك أن اضطراب الدورة الشهرية ليس مرضا أو تشخيصا مرضياً ولكنه عرض لسبب مرضي آخر يجب البحث عنه بدقة ضمن مدى شائك من الأمراض المتداخلة بالأعراض والمختلفة بالأسباب، والأهم الاختلاف الجذري بالعلاج لاضطراب الميزان الصحي. فعندما تصاب الفتاة/ السيدة بهذا الاضطراب قد يكون في الرحم أو المبيض أو الغدة النخامية أو نتيجة أي اضطراب هرموني آخر، أو اضطراب توازن الحالة النفسية أو نتيجة تناول عقاقير علاجية معينة.
اضطراب التبويض
وأكثر الأسباب شيوعا هو اضطراب التبويض والذي ينجم عن خلل في المحور الهرموني للتبويض وليس المبيض فقط، وأحد هذه الأسباب شيوعا هو ما يسمى بتكيس المبيضين، وهي حالة لا يوجد سبب شافٍ لتفسيرها حتى الساعة وإن كان المتهم الأساسي وجود إشارات جينية وراثية تؤدي إلى زيادة إفراز هرمونات الذكورة أو اضطراب مستقبلات هذه الهرمونات، وخلل الإنتاج للبويضات الشهرية مما يؤدي إلى ضعف التبويض وبالتالي إلى اضطراب الدورة الشهرية بالتوقيت والكمية. وتكيس المبايض بحقيقته ظاهرة شائعة تصيب حوالي 20- 25 المائة من السيدات في منطقتنا العربية وليس لها أسباب معروفة إلى الآن ولكن يوجد خلل في إفراز هرمون الذكورة وكذلك في هرمون الأنسولين وتكون مصحوبة بزيادة في الوزن مع بعض المظاهر الثانوية مثل زيادة نمو الشعر في الوجه والأطراف وكذلك تساقط الشعر وظهور حب الشباب ويتم تشخيصها بالفحص الإكلينيكي وبالموجات فوق الصوتية وقياس مستوى بعض الهرمونات مثل الأنسولين وهرمونات الذكورة وخلل المعادلة التوافقية بين هرمونات الغدة النخامية المؤثرة على الاباضة.
اضطرابات الوزن
من الأسباب الشائعة أيضا اضطرابات الوزن مثل الزيادة المفرطة أو السيدات اللاتي يتبعن حمية غذائية شديدة العقوبة أو السيدات شديدات النحافة. فالسمنة المفرطة وزيادة الوزن تؤديان إلى إنتاج كميات كبيرة من هرمون الذكورة وأيضا هرمون الإستروجين، مما يؤدي إلى اضطراب المحور الهرموني، أما النحافة الشديدة أو السيدات اللاتي يقمن بعمل حمية فقد يحدث لديهن هذا الاضطراب أيضا بشكل واضح.
يمثل التوتر الشديد والقلق العصبي أيضا عاملا هاما وذلك لتأثيره على مراكز الدماغ العليا واضطراب الهرمونات الصادرة من الغدة النخامية أو نتيجة استعمال الأدوية والمهدئات النفسية التي تؤدي إلى اضطراب أيضا في عمل هذه الهرمونات أو تؤدي إلى زيادة في هرمون البرولاكتين والذي يفرز أيضا من الغدة النخامية وقد يؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية، ويلعب هرمون البرولاكتين دورا مهما أثناء الحمل في زيادة حجم الثدي وتحضيره للفترة التالية بعد الولادة ولكن لم يعرف بشكل كامل دوره أثناء عدم الحمل، واتهام البعض له والتركيز عليه كمسبب لفشل الحمل، يمثل درجة الإفلاس التي تلزم البحث عن الدفاتر القديمة لبيان كشف حساب لديون ميتة يصعب إحيائها.
زيادة هرمون البرولاكتين
إن تفسير الاضطراب الناتج عن زيادة هرمون البرولاكتين يكتنفه غموض تحت عنوان: لماذا يسبب هذا الاضطراب؟ على أن أذكر أنه في حالات الارتفاع الشديد يجب عمل أشعة مقطعية على الغدة النخامية لاستبعاد وجود بعض الأورام الحميدة الصغيرة التي تؤدي إلى الزيادة المفرطة في الهرمون وقد تكون مصحوبة ببعض الأعراض الأخرى مثل الغثيان وزغللة العين .
ومن الأسباب الأخرى لاضطراب الدورة الشهرية هو خلل إفراز الغدة الدرقية والتي تقع في العنق من الناحية الأمامية وتمثل إحدى حلقات المحور الهرموني في الجسم وتلعب إفرازاتها من هرمون الثيروكسين دوراً مهماً في النشاط العقلي للإنسان وكذلك في بعض عمليات الأيض داخل الجسم. وتلعب الغدة الدرقية أيضا أحد الأسباب في اضطرابات الدورة الشهرية، على السواء في حالتي النقص أو الزيادة في هرمون الثيروكسين وذلك أيضا لأسباب غير معلومة إلى الآن.
ومن الأسباب الشائعة الأمراض المحلية الخاصة بالرحم مثل زيادة سماكة بطانة الرحم أو زيادة حجمه نتيجة وجود ألياف رحمية أو نتؤات ذاتية، أو وجود تغيرات نسيجية بدرجات محتلفة تتراوح من الدرجة الحميدة إلى الدرجة السرطانية، أو أن الاضطراب نتيجة خلل وظيفي في جهاز التخثر أو خلل في الجهاز المناعي.
إن تشخيص اضطرابات الدورة الشهرية يبدأ بالتاريخ المرضي الدقيق وتحليل تسلسل أعراضه، ويتبعها بالترتيب الفحص الإكلينيكي العادي الذي قد يؤدي إلى تشخيص الأسباب الرئيسية لهذه الحالة، مرورا لمرحلة الفحوصات الهرمونية وتحليل هرمونات الغدة النخامية والبرولاكتين والغدة الدرقية وكذلك هرمونات الإستروجين والذكورة أهمية كبيرة في الوصول إلى التشخيص. وجدير بالذكر أن الموجات فوق الصوتية قد أصبحت عنصراً هاماً من عناصر التشخيص وذلك لاستبعاد الأسباب العضوية مثل أكياس المبيضين وتكيس المبايض والأورام الليفية في الرحم.
علاج هرموني بديل
ويعتمد علاج مثل هذه الحالات على السبب الكامن وراء هذا الاضطراب ويتراوح العلاج بين علاج هرموني بديل أو أدوية لتنظيم معادلة الهرمونات المعنية، وقد يحتاج الأمر إلى عملية كحت لبطانة الرحم وأخذ عينة وإرسالها للتحليل الباثولوجي كخطوة تشخيصية وليس علاجية لتحديد السبيل المثالي للعلاج، وهناك حالات مرضية يكون العلاج المثالي بإسداء النصيحة للفتاة بالزواج والحمل والانتهاء من هذه المتتالية الحسابية، فالأبحاث الطبية العديدة قد أشارت إلى أن معظم السيدات (حوالي 90 بالمائة) قد يتعرضن في إحدى فترات حياتهن لهذا الاضطراب بأشكاله المختلفة وأن نسبة كبيرة منها لا تحتاج إلى علاج طويل أو مكثف، ويجب أن تعلم السيدات أن اضطرابات الدورة الشهرية هي مشكلة شائعة ويجب التعامل معها بهدوء واستشارة الأطباء المتخصصين قبل أخذ أي علاجات وبالذات العلاجات الهرمونية وحبذا لو تبرع البعض بجمع التواقيع اللازمة لحرق قاموس الوراثة وعنوانه «قالوا لي حسب خبرتهم» وأكتفي.
عدل سابقا من قبل شمس الحب في الخميس أكتوبر 07, 2010 6:00 pm عدل 1 مرات
