عندما يبتعد *
للعدُوُّ الذي يشربُ الشايَ
في كوخنا
فَرَسٌ في الدخَانِ
وبنْتٌ لها حاجبانِ كثيفانِ ,
عينانِ بُنيتان ,
وشَعَرُ طويلٌ كَلَيْلِ الأغاني على الكتِفْينِ
.
وصورَتُها لا تفارقُهُ كُلَّما جاءنا يطلُبُ الشاي
لكنَّهُ لا يُحَدَثُنا عن مشاغلها في المساء ,
وعَنْ فَرَسٍ تَرَكَتْهُ الأَغاني على قمَّة التَلِّ ..../
*... في كوخنا يستريحُ العَدُوُّ من البُندقيّة ,
مثلما يفعَلُ الضيفُ .
يغفو قليلاً على مقعد الخَيْزُرانِ ,
ويحنُو على فَرْوِ قطْتنا ,
ويقولُ لنا دائماً :
لا تلوموا الضحيَّة َ!
نسأَلُهُ : مضنْ هيَ ؟
فيقولُ : دَمٌ لا يُجَفِّفُهُ الليلُ .../
* ... تلمعُ أَزرارُ سُتْرَتِهِ عندما يبتعدْ
عِمْ مساءً !
وسَلِّمْ على بئرنا
وعلى جِهَةِ التين .
وامشِ الهُوَيْنَى على
ظلَّنا في حقول الشعير .
وسَلِّمْ على سَرْونا في الأَعالي .
ولا تَنْسَ بَوَّابةَ البيتِ مفتوحةً في الليالي .
ولا تَنْسَ خَوْفَ الحصان من الطائراتِ
وسَلِّمْ علينا ,
هُنَاكَ إِذا اتَّسعَ الوقتُ .../
هذا الكلامُ الذي كان في وُدِّنا
أَن نَقولَ على الباب ...
يَسْمَعُهُ جيِّداً جَيِّداً ,
ويُخَبِّئُهُ في السُّعال السريع
ويُلْقي به جانباً
فلماذا يزور الضحيَّة كُلَّ مساءٍ ؟
ويحفَظُ أَمثالنا مِثْلَنا ,
ويُعيدُ أَناشيدَنا ذاتها ,
عن مواعيدنا ذاتها في المكان المُقَدَّسِ ؟
لولا المسدسُ
لاختلطَ النايُ في النايِ .../
*...
لن تنتهي الحربُ ما دامت الأرضُ فينا تدورُ على نفسها !
فلنَكُنْ طَيِّبين إِذا كان يسألُنا أَن نكونَ هنا طَيِّبينَ .
ويقرأُ شِعراً لطيّار " ييتْس" : أَنا لا
أُحبُّ الذينَ أُدافعُ عنهُم ,
كما أَنني لا أُعادي الَذينَ أُحاربُهمْ ...
ثم يخرجُ من كوخنا الخشبيِّ ,
ويمشي ثمانينَ متراً إلى
بيتنا الحجريِّ هناك على طَرَفِ السَّهْلِ .../
* سَلِّمْ على بيتنا يا غريبُ .
فناجينُ قهوتنا لا تزال على حالها ,
هل تَشُمُّ أَصابعَنَا فوقها ؟
هل تقولُ لبنتك ذات الجديلةِ والحاجبينِ الكثيفينِ
إِنَّ لها صاحباً غائباً ,
يتمنَّى زيارَتَها , لا لِشيْءٍ ...
ولكنْ ليدخل مِرْآتَها ويرى سرَّهُ :
كيف كانت تُتَبَعُ من بعده عُمْرَهُ
بدلاً مِنه ؟
سَلِّمْ عليها
إِذا اتسَّعَ الوقتُ .../
*هذا الكلامُ الذي كان في وُدِنِّا