خطاب العودة وعودة الخطاب !

كان لا بدّ على كل من يفكر بتغيير وجهة نظر الآخرين عنه خصوصا إذا ما كان أمامه الفرصة لذلك أن يستعد الإستعداد الكافي اللائق بهذه المهمة . وإذا ما أخذنا بنظر الإعتبار الظروف والملابسات المحيطة بالشخص المعني ومدى تعكر صحيفته ببعض الشوائب يتأكد ما ذهبت إليه ويزداد الأمر إعدادا وعناية .

لكن لم نلمس هذا الشيء إطلاقا في الخطاب المهزوز لمقتدى الصدر بعد عودته الى العراق .
ولولا الإطالة لأسردت هنا النص الكامل لما يسمى بالخطاب وأعلق عليه جملة وتفصيلا ولكن سأكتفي ببعض الملاحظات .
وللوهلة الأولى لا اعتقد أن أحدا قد لمس نضوجا في هذه الشخصية الإزدواجية فيا ترى أين ثمرة بحثه ودراسته الإيرانية ! ثم ما الجديد على مستوى الذهنية التي يفترض منها أن تكون بمستوى التوجيه والقيادة ؟!
ولا أخفيكم سرّا قد إنتابني خجل شديد وأنا أستمع إلى كلماته وأشاهد حركاته فكيف بأتباعه ؟!
والشيء المهم الذي تميز به الخطاب هو :
1- التقليد المخجل لأبيه وكأنه في خطبة جمعة محاولا إيهام وإستغفال المستغفلين .
2- الإعترافات الضمنية على تورط التيار المعني وإدانته ببعض الأمور كما قال مقتدى : (لا نقتل عراقي لا تمتد أيادينا لكل عراقي بل نستهدف المحتل فقط بأي أنواع المقاومة .... وترك ونبذ ما سبق واكرر عن علم وعمد فالتفتوا إلى ذلك رجاء، كفاكم تصارعا وتحاربا وتنافرا، أما آن للشعب العراقي أن يعيش موحداً أما آن للشعب أن يعيش بأمان أما آن للشعب أن يعيش باستقرار )
3- لا أعلم هل المؤشرات لدى مقتدى حول الحكومة الجديدة هي مؤشرات إيجابية أم لا ؟ فإذا كانت ( نعم ) فهذا يعني أنه بعيد كل البعد عن القراءة الصحيحة للوقائع والأحداث وإذا كان ( لا ) فالسؤال هنا والذي يكون أكثر إلحاحا بعد إستلام التيار للوزارات الخدمية : ماذا يفهم من كلامك وأنت تخاطب الحكومة والذي ينص على : ( فلابد لها بعد توفير الخدمات أن تسعى لخروج المحتل، بأي طريقة تجدها مناسبة ) ؟؟؟!!!
هل جناب السيد القائد هنا يريد أن يوصل رسالته للعراقيين بأن خروج المحتل متأخر على توفير الخدمات والنتيجة واضحة لا خدمات وبالتالي فإن الإحتلال باقٍ والحكومة معذورة من هذا الجانب ؟ وهل سيتحمل وزرائك الخدميين ( كول لا ) مسؤولية تقديم الخدمات بالصورة الصحيحة للمواطن العراقي ؟ أم سيلعبون دور المساعد على بقاء الإحتلال ؟
ثم إن مقتدى يظهر أنه لم يطلع على بنود الإتفاقية الأمنية أو الأرجح انه إطلع ولكن لأسباب اقتضت تضمين خطابه لهذه الفقرة ( قد سمعنا عهدا من الحكومة أنها ستخرج لخروج المحتل، ونحن ننتظر أن تفي بعهودها ) !
فهل ينتظر السيد القائد وفاء الحكومة بعهودها للأمريكان ؟!
ولا أنسى أن أمر على ملاحظته الأخيرة القيمة : (إذا أردتموني بينكم فاني اشترط عليكم أن لا اسمع شكوى عليكم لا من الشعب العراقي ولا من خارج الشعب العراقي ) وسؤالي هنا لأتباعه : هل أن قائدكم يعلم بأنكم أهل للشكوى منهم أم أنه يفتري عليكم ؟!
وأخيرا عتبي على من يصفق لمقتدى ويصدق به بعد كل هذه الجرائم والمهازل ولو كانت مهزلة هذا الخطاب لوحدها لكانت كافية في النفور منه ، ألا يسأل أحدكم لماذا لم يظهر بمستوى لائق بعد كل ذلك الغياب ؟ بربكم لو لم يخرج على الفضائيات أليس بأستر لكم ؟ إسمعوا مني هذه القصة :

قامت مجموعة من العلماء بإحضار البراغيث ووضعوها في صندوق زجاجي ذي غطاء،
وتركوها تحاول ممارسة حياتها الطبيعية.
في البداية حاولت البراغيث القفز لأعلى كما تعودت، ولكنها اصطدمت بالغطاء الزجاجي الشفاف فشعرت بالألم ..
حاولت مرة أخرى أن تخرج من هذا الحيز الزجاجي الضيق،
قلن تجني غير المزيد من الشعور بالألم وبعد فترة غيرت من استراتيجيتها للقفز ..!
فراحت قفزاتها تنتهي قبل اصطدامها بالغطاء الزجاجي
وبعد فترة من تأقلمها على وضعها الجديد أزال العلماء الغطاء، وكانت المفاجأة !!؟
فالبراغيث لم تخرج من حيز الصندوق الشفاف وإنما واصلت القفز في نفس مستوى الغطاء
لأنها نسيت قدرتها الحقيقية
وقررت تجنب الشعور بالألم بالبقاء داخل حدود وهمية صنعتها لنفسها
وحكمت على حياتها بالسجن وبقت تستخدم جزءا بسيط من طاقتها لأنها لم تعد تؤمن بقدرتها على فعل ما هو أفضل ) إنتهت .




وعلى الدنيا العفا وعلى العراق السلام وعلى الدين مثله إن صار الحكم للصبيان !

منقول