الأيام دول
د . عائض القرني
يروى أن أحمد بن حنبل - رحمه الله - زار بقي بن مخلد
في مرض له , فقال له :" يا أبا عبد الرحمن , أبشر بثواب
الله , أيام الصحة لا سقم فيها , وأيام السقم لا صحة فيها " .
والمعنى : أن أيام الصحة لا يعرض المرض فيها بالبال , فتقوى
عزائم الإنسان , وتكثر آماله , ويشتد طموحه , وأيام المرض
الشديد لا تعرض الصحة بالبال , فيخيم على النفس ضعف الأمل
وانقباض الهمة وسلطان اليأس , وقول الإمام أحمد مأخوذ من
قوله تعالى :
{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ* إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} .
﴿هود: 9 : 10 : 11)
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - : " يخبر الله تعالى عن
الإنسان وما فيه من الصفات الذميمة , إلا من رحم الله من
عباده المؤمنين , أنه إذا أصابته شدة بعد نعمة حصل له
يأس وقنوط من الخير بالنسبة إلى المستقبل , وكفر وجحود
لماضي الحال , كأنه لم ير خيرا ولم يرج فرجا .
وهكذا إن أصابته نعمة بعد نقمة :
{ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ }
﴿هود: ١٠﴾
أي يقول : ما ينالني بعد هذا ضيم ولا سوء .
{ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}
﴿هود: ١٠﴾
أي فرح بما في يده , بطر فخور على غيره .
قال الله تعالى :
{ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}
﴿هود: ١١﴾