فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في <A id="الكلمات المفتاحية" name="علاج الصداع382">علاج الصداع والشقيقة
روى ابن ماجه في " سننه " حديثا في صحته نظر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صدع غلف رأسه بالحناء ويقول إنه نافع بإذن الله من الصداع
والصداع ألم في بعض أجزاء الرأس أو كله فما كان منه في أحد شقي الرأس لازما يسمى شقيقة وإن كان شاملا لجميعه لازما يسمى بيضة وخودة تشبيها ببيضة السلاح التي تشتمل على الرأس كله وربما كان في مؤخر الرأس أو في مقدمه .
[ حقيقة الصداع ]
وأنواعه كثيرة وأسبابه مختلفة . وحقيقة الصداع سخونة الرأس واحتماؤه لما دار فيه من البخار يطلب النفوذ من الرأس فلا يجد منفذا فيصدعه كما يصدع الوعي إذا حمي ما فيه وطلب النفوذ فكل شيء رطب إذا حمي طلب مكانا أوسع من مكانه الذي كان فيه فإذا عرض هذا البخار في الرأس كله بحيث لا يمكنه التفشي والتحلل وجال في الرأس سمي السدر .
[ أسباب الصداع ]
والصداع يكون عن أسباب عديدة
أحدها : من غلبة واحد من الطبائع الأربعة .
والخامس يكون من قروح تكون في المعدة فيألم الرأس لذلك الورم لاتصال العصب المنحدر من الرأس بالمعدة .
والسادس من ريح غليظة تكون في المعدة فتصعد إلى الرأس فتصدعه .
والسابع يكون من ورم في عروق المعدة فيألم الرأس بألم المعدة للاتصال الذي بينهما .
والثامن صداع يحصل عن امتلاء المعدة من الطعام ثم ينحدر ويبقى بعضه نيئا فيصدع الرأس ويثقله .
والتاسع يعرض بعد الجماع لتخلخل الجسم فيصل إليه من حر الهواء أكثر من قدره .
والعاشر صداع يحصل بعد القيء والاستفراغ إما لغلبة اليبس وإما لتصاعد الأبخرة من المعدة إليه .
والحادي عشر صداع يعرض عن شدة الحر وسخونة الهواء .
والثاني عشر ما يعرض عن شدة البرد وتكاثف الأبخرة في الرأس وعدم تحللها .
والثالث عشر ما يحدث من السهر وعدم النوم .
والرابع عشر ما يحدث من ضغط الرأس وحمل الشيء الثقيل عليه .
والخامس عشر ما يحدث من كثرة الكلام فتضعف قوة الدماغ لأجله .
والسادس عشر ما يحدث من كثرة الحركة والرياضة المفرطة .
والسابع عشر ما يحدث من الأعراض النفسانية كالهموم والغموم والأحزان والوساوس والأفكار الرديئة .
والثامن عشر ما يحدث من شدة الجوع فإن الأبخرة لا تجد ما تعمل فيه فتكثر وتتصاعد إلى الدماغ فتؤلمه .
والتاسع عشر ما يحدث عن ورم في صفاق الدماغ ويجد صاحبه كأنه يضرب بالمطارق على رأسه .
والعشرون ما يحدث بسبب الحمى لاشتعال حرارتها فيه فيتألم والله أعلم .
وسبب صداع الشقيقة مادة في شرايين الرأس وحدها حاصلة فيها أو مرتقية إليها فيقبلها الجانب الأضعف من جانبيه وتلك المادة إما بخارية وإما أخلاط حارة أو باردة وعلامتها الخاصة بها ضربان الشرايين وخاصة في الدموي . وإذا ضبطت بالعصائب ومنعت من الضربان سكن الوجع .
وقد ذكر أبو نعيم في كتاب " الطب النبوي " له أن هذا النوع كان يصيب النبي صلى الله عليه وسلم فيمكث اليوم واليومين ولا يخرج . وفيه عن ابن عباس قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عصب رأسه بعصابة
وفي " الصحيح " أنه قال في مرض موته وارأساه وكان يعصب رأسه في مرضه وعصب الرأس ينفع في وجع الشقيقة وغيرها من أوجاع الرأس .
فصل [ علاج الصداع ]
وعلاجه يختلف باختلاف أنواعه وأسبابه فمنه ما علاجه بالاستفراغ ومنه ما علاجه بتناول الغذاء ومنه ما علاجه بالسكون والدعة ومنه ما علاجه بالضمادات ومنه ما علاجه بالتبريد ومنه ما علاجه بالتسخين ومنه ما علاجه بأن يجتنب سماع الأصوات والحركات .
إذا عرف هذا فعلاج الصداع في هذا الحديث بالحناء هو جزئي لا كلي وهو علاج نوع من أنواعه فإن الصداع إذا كان من حرارة ملهبة ولم يكن من مادة يجب استفراغها نفع فيه الحناء نفعا ظاهرا وإذا دق وضمدت به الجبهة مع الخل سكن الصداع وفيه قوة موافقة للعصب إذا ضمد به سكنت أوجاعه وهذا لا يختص بوجع الرأس بل يعم الأعضاء وفيه قبض تشد به الأعضاء وإذا ضمد به موضع الورم الحار والملتهب سكنه .
وقد روى البخاري في " تاريخه " وأبو داود في " السنن " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شكا إليه أحد وجعا في رأسه إلا قال له " احتجم " ولا شكا إليه وجعا في رجليه إلا قال له " اختضب بالحناء " .
وفي الترمذي عن سلمى أم رافع خادمة النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان لا يصيب النبي صلى الله عليه وسلم قرحة ولا شوكة إلا وضع عليها الحناء .