أهداف بوش بعبارات أوباما
الجمعة 4/6/2010
لم تعد استراتيجية مواجهة الإرهاب "حربا على الإرهاب" كما في عهد بوش، بل يزداد التركيز على العلاقات الأمريكية مع دول الشرق الأوسط والخليج
تسجل الإستراتيجية الأمريكية اعترافا واضحا بإسرائيل باعتبارها "الدولة اليهودية" ضمن "السعي إلى دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام واحد"
على الرغم من إصدار تقرير جديد عن «استراتيجية الأمن القومي» ليس التزاما دستوريا أمريكيا، فإنه تحول الى ما يشبه عرفا سياسيا منذ عهد الرئيس الأمريكي هاري ترومان (1945 - 1953)، فأصبح كل رئيس جديد لأمريكا يصدر هذا التقرير في بداية عهده «غالبا في العام الثاني من رئاسته»، وفيه يشرح أهداف الولايات المتحدة الاستراتيجية ويلقي أضواء واضحة على ما تريد تحقيقه في الأمد القريب والبعيد في علاقاتها بالعالم الخارجي، قريبه وبعيده.
في الأسبوع الماضي أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما «استراتيجية الأمن القومي» الأمريكية الجديدة (2010) لتحل محل استراتيجية الأمن القومي التي كان الرئيس السابق جورج بوش قد أصدرها في عام 2002.
وعلى الرغم من أن الفترة التي انقضت منذ تولي أوباما الرئاسة في يناير 2009 قد شهدت من الأحداث والسياسات ما يمكن الحكم من خلاله على استراتيجية للأمن القومي.. خاصة أنه قد ورث حرب العراق وحرب أفغانستان وكذلك الهجمات الجوية المتوالية على شمال باكستان عن سلفه بوش.. فإن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية، كما صدرت عن البيت الأبيض بتوقيع باراك أوباما وعليها خاتم الرئيس الأمريكي، جاءت أقرب ما تكون الى أفكار أوباما كما عبر عنها في حملته الانتخابية التي أوصلته الى الرئاسة أكثر مما جاءت قريبة من سياساته الاستراتيجية كما تمارسها إدارته بالفعل.
وللحقيقة فإن ظروفا محددة ترسم ملامح الفترة الراهنة التي فيها صدرت استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة بحيث لا يمكن لأوباما أن يفلت من تحديد الأهداف الاستراتيجية لأمريكا في عهده في ضوئها، وعلى سبيل المثال فإن أزمة النظام الرأسمالى العالمي كما تعاني منها الولايات المتحدة بالدرجة الأولي قد عكست نفسها على استراتيجية الأمن القومي التي تحمل تاريخ 2010، الأمر الذي يعد أحد الملامح الجديدة الخاصة بها، ولهذا تضمنت فصلا كاملا تحت عنوان «الرخاء» يتحدث عن: تقوية التعليم ورأس المال البشري.. تعزيز العلم والتكنولوجيا وتجديدهما.. تحقيق نمو متوازن ومستدام.. تسريع التنمية المستدامة.. وإنفاق دولارات دافعي الضرائب بحكمة.
* الاقتصاد كأساس
هكذا وجدت السياسة الاقتصادية طريقها لتصبح جانبا أساسيا من استراتيجية الأمن القومي، ولم تكن كذلك في استراتيجيات الرؤساء الأمريكيين السابقين.
ومع ذلك تبقي الملامح الأخري.. التي يغلب عليها الوجه العسكري.. واضحة في الاستراتيجية الجديدة.. وإن كانت قد تميزت بشرح الاختلاف بين «الهيئة الاستراتيجية: العالم كما هو» و«التناول الاستراتيجي: العالم الذي نسعي إليه»، ولا نعني لمن يريد فهم أهداف الاستراتيجية الأمنية الأمريكية عن الاطلاع على هذين الجانبين الى نقطة يطلق عليها في الاستراتيجية الجديدة، بلغة واضحة وصف «تقوية القدرات القومية» والنقطة التي تليها مباشرة في الترتيب وهي «تقوية الأمن والإصرار في الداخل» ومن هاتين النقطتين تشرع الاستراتيجية الأمنية الجديدة في تناول المشكلات «العسكرية» التي تواصل الولايات المتحدة في عهد أوباما ما بدأته في عهد بوش من محاولة تخطي مشكلات «وقف نشاط تنظيم القاعدة وتفكيكه وإلحاق الهزيمة به وبفروعه العنيفة المتطرقة في أفغانستان وباكستان وحول العالم».
في هذا السياق يتضح بجلاء أن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة تعتبر هذه المشكلة مسألة «داخلية» بالدرجة الأولي، ولهذا فإن لها موقع الصدارة وتقوم على تعزيز التفوق العسكري الأمريكي عالميا بدبلوماسية فعالة وقوية، فلا تعود استراتيجية مواجهة الإرهاب حربا على الإرهاب، كما كانت في عهد بوش الابن.. ويزيد تركيزها على العلاقات الأمريكية مع هذه الدول والدول المحيطة بها، أي دول الشرق الأوسط والخليج، فكان من الطبيعي أن تلتفت أنظار المراقبين الى توقيت صدور قرارات من القيادة العسكرية الأمريكية «القيادة المركزية المعنية بهذه المنطقة» بتوسيع عملياتها السرية في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، لتعطيل أنشطة تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الإرهابية.. تزامن هذه القرارات بفارق يوم واحد من اليوم الذي صدرت فيه استراتيجية الأمن القومي الجديدة.
* العسكرة قائمة
ولا يبدو الأمر هنا أن يكون مجرد محاولة، لطمس ملامح ما هو حربي وما هو غير حربي في جهود الإدارة الأمريكية، وغالبا فإن الأمر لن يعدو أن يكون مطالبة دول الشرق الأوسط والخليج بتوسيع أدوارها وإسهاماتها في مواجهة الإرهاب متمثلا أساسيا في تنظيم القاعدة ومن الواضح أن هذه السياسة بدأت باليمن وسيتضح في المستقبل القريب أنها ستتخطاه الى بلدان أخري في المنطقة، وتوغل إدارة أوباما في استخدام لغتها السياسية التي تبدو فيها مختلفة جذريا عن إدارة بوش حين تؤكد أنها ليست في حرب مع الإسلام، إنما هي في حرب ضد القاعدة وفروعها، وهذا الاختلاف يتيح لنظم المنطقة أن تتوسع بلا حرج في أدوارها الى جانب الولايات المتحدة بقوتها العسكرية وقدراتها المالية.
وتعترف استراتيجية الأمن القومي الجديد في الجزء الذي تعالج فيه «العالم الذي نسعي إليه» بأنه «حتي حينما احتفظت الولايات المتحدة بتفوقها العسكري فإن قدرتها على المنافسة قد أصيبت بنكسة في السنوات الأخيرة لكننا نضيق من حالة ضعف الاستثمار في المناطق التي هي مركزية لقوة أمريكا.. إننا نعيد بناء اقتصادنا بحيث نخدم ماكينة الفرص للشعب الأمريكي ونعيد بناء مصدر للنفوذ الأمريكي في الخارج.. إن الولايات المتحدة لابد أن تؤمن أنها تملك أفضل قوة عمل بأفضل تعليم في العالم، وقطاع خاص يعزز التجديد ومواطنين وقطاعات أعمال تستطيع أن تتيح أفضل رعاية صحية للمنافسة في اقتصاد، ولم يتوجب علينا أن نحدث تحولا في الكيفية التي نستخدم بها الطاقة.
* الشرق الأوسط الكبير
ولا تستمر الاستراتيجية الأمنية طويلا في الابتعاد عن المفهوم الضيق لمعني الأمن، وهو المفهوم العسكري، فسريعا ما تؤكد: «أننا سنستمر في تطويرقدراتنا على مواجهة التهديدات والأخطار التي تواجهنا ونحن نعيد تطوير بنانا التحتية لنضمن الأمن لشعبنا ولنعمل بالتعاون مع أمم أخري، إن قيادتنا الأخلاقية تقوم على أساس قوة المثل الذي نضربه وليس عن طريق جهد نبذله لفرض نظامنا على شعوب أخري.. إننا إذا ما أضعفنا قيمنا خلال السعي للأمن سنقوض الاثنين، أما إذا دعمناهما فإننا نحافظ على مصدر رئيسي لقوتنا وقيادتنا في العالم، وهي قوة تبعدنا عن أعدائنا وعن منافسينا المحتملين.
بعد هذا مباشرة تعود استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الى استخدام تعبير «الشرق الأوسط الكبير»، وهو التعبير نفسه الذي استخدمته وزيرة خارجية بوش السيدة كونداليزا رايس في سياق مختلف.. في سياق يتحدث عن الحرب العالمية على الإرهاب (...) ويؤكد التقرير الجديد ما سبق أن أكدته كل استراتيجية سابقة للأمن القومي من أن الولايات المتحدة تملك مصالح مهمة في الشرق الأوسط الكبير، تتضمن التعاون الواسع بشأن عدد كبير من القضايا مع صديقتنا الوثيقة إسرائيل والتزام لا يتزعزع بأمنها، وتحقيق الأماني المشروعة للشعب الفلسطيني في فرصة إقامة دولة.. ووحدة العراق وأمنه وتعزيز ديمقراطيته وإعادة دمجه في المنطقة، وإحداث تحول في السياسة الإيرانية، بعيدا عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية ودعم الإرهاب وإطلاق التهديدات ضد جيرانها، وتحقيق حظر انتشار للأسلحة النووية والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والوصول الى مصادر الطاقة، وإدماج المنطقة في الأسواق العالمية.
* دولة يهودية
ولا يمكن أن يخطئ المرء في إدراك مدي اقتراب استراتيجية أوباما للأمن القومي من نصوص استراتيجية بوش للأمن القومي خاصة عندما يكون الحديث عن الشرق الأوسط، إنها تعيد تكرار التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل والدول العربية الصديقة لأمريكا، وتتعهد بمواصلة عملية السلام العربية - الإسرائيلية باعتبار ما للولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيين والدول العربية من مصلحة في حل سلمي للصراع العربي - الإسرائيلي.. حل تتحقق فيه الأماني المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين في الأمن والكرامة، وتحقق فيه إسرائيل أمنا وسلاما دائمين مع كل جيرانها.
وتسجل الاستراتيجية اعترافا واضحا بإسرائيل باعتبارها «الدولة اليهودية» ضمن الحديث عن «سعي الولايات المتحدة الى دولتين تعيشان جنبا الى جنب في سلام واحد».. استمرار في حديث السلام واستمرار في تأكيد العهد والالتزام بإسرائيل واستمرار في تأكيد ثقة الأمريكيين بقدراتهم.
فما الجديد؟ نفس نوع النبيذ داخل زجاجات جديدة كما تقول العبارة الإغريقية القديمة.
الجمعة 4/6/2010
لم تعد استراتيجية مواجهة الإرهاب "حربا على الإرهاب" كما في عهد بوش، بل يزداد التركيز على العلاقات الأمريكية مع دول الشرق الأوسط والخليج
تسجل الإستراتيجية الأمريكية اعترافا واضحا بإسرائيل باعتبارها "الدولة اليهودية" ضمن "السعي إلى دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام واحد"
على الرغم من إصدار تقرير جديد عن «استراتيجية الأمن القومي» ليس التزاما دستوريا أمريكيا، فإنه تحول الى ما يشبه عرفا سياسيا منذ عهد الرئيس الأمريكي هاري ترومان (1945 - 1953)، فأصبح كل رئيس جديد لأمريكا يصدر هذا التقرير في بداية عهده «غالبا في العام الثاني من رئاسته»، وفيه يشرح أهداف الولايات المتحدة الاستراتيجية ويلقي أضواء واضحة على ما تريد تحقيقه في الأمد القريب والبعيد في علاقاتها بالعالم الخارجي، قريبه وبعيده.
في الأسبوع الماضي أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما «استراتيجية الأمن القومي» الأمريكية الجديدة (2010) لتحل محل استراتيجية الأمن القومي التي كان الرئيس السابق جورج بوش قد أصدرها في عام 2002.
وعلى الرغم من أن الفترة التي انقضت منذ تولي أوباما الرئاسة في يناير 2009 قد شهدت من الأحداث والسياسات ما يمكن الحكم من خلاله على استراتيجية للأمن القومي.. خاصة أنه قد ورث حرب العراق وحرب أفغانستان وكذلك الهجمات الجوية المتوالية على شمال باكستان عن سلفه بوش.. فإن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية، كما صدرت عن البيت الأبيض بتوقيع باراك أوباما وعليها خاتم الرئيس الأمريكي، جاءت أقرب ما تكون الى أفكار أوباما كما عبر عنها في حملته الانتخابية التي أوصلته الى الرئاسة أكثر مما جاءت قريبة من سياساته الاستراتيجية كما تمارسها إدارته بالفعل.
وللحقيقة فإن ظروفا محددة ترسم ملامح الفترة الراهنة التي فيها صدرت استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة بحيث لا يمكن لأوباما أن يفلت من تحديد الأهداف الاستراتيجية لأمريكا في عهده في ضوئها، وعلى سبيل المثال فإن أزمة النظام الرأسمالى العالمي كما تعاني منها الولايات المتحدة بالدرجة الأولي قد عكست نفسها على استراتيجية الأمن القومي التي تحمل تاريخ 2010، الأمر الذي يعد أحد الملامح الجديدة الخاصة بها، ولهذا تضمنت فصلا كاملا تحت عنوان «الرخاء» يتحدث عن: تقوية التعليم ورأس المال البشري.. تعزيز العلم والتكنولوجيا وتجديدهما.. تحقيق نمو متوازن ومستدام.. تسريع التنمية المستدامة.. وإنفاق دولارات دافعي الضرائب بحكمة.
* الاقتصاد كأساس
هكذا وجدت السياسة الاقتصادية طريقها لتصبح جانبا أساسيا من استراتيجية الأمن القومي، ولم تكن كذلك في استراتيجيات الرؤساء الأمريكيين السابقين.
ومع ذلك تبقي الملامح الأخري.. التي يغلب عليها الوجه العسكري.. واضحة في الاستراتيجية الجديدة.. وإن كانت قد تميزت بشرح الاختلاف بين «الهيئة الاستراتيجية: العالم كما هو» و«التناول الاستراتيجي: العالم الذي نسعي إليه»، ولا نعني لمن يريد فهم أهداف الاستراتيجية الأمنية الأمريكية عن الاطلاع على هذين الجانبين الى نقطة يطلق عليها في الاستراتيجية الجديدة، بلغة واضحة وصف «تقوية القدرات القومية» والنقطة التي تليها مباشرة في الترتيب وهي «تقوية الأمن والإصرار في الداخل» ومن هاتين النقطتين تشرع الاستراتيجية الأمنية الجديدة في تناول المشكلات «العسكرية» التي تواصل الولايات المتحدة في عهد أوباما ما بدأته في عهد بوش من محاولة تخطي مشكلات «وقف نشاط تنظيم القاعدة وتفكيكه وإلحاق الهزيمة به وبفروعه العنيفة المتطرقة في أفغانستان وباكستان وحول العالم».
في هذا السياق يتضح بجلاء أن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة تعتبر هذه المشكلة مسألة «داخلية» بالدرجة الأولي، ولهذا فإن لها موقع الصدارة وتقوم على تعزيز التفوق العسكري الأمريكي عالميا بدبلوماسية فعالة وقوية، فلا تعود استراتيجية مواجهة الإرهاب حربا على الإرهاب، كما كانت في عهد بوش الابن.. ويزيد تركيزها على العلاقات الأمريكية مع هذه الدول والدول المحيطة بها، أي دول الشرق الأوسط والخليج، فكان من الطبيعي أن تلتفت أنظار المراقبين الى توقيت صدور قرارات من القيادة العسكرية الأمريكية «القيادة المركزية المعنية بهذه المنطقة» بتوسيع عملياتها السرية في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، لتعطيل أنشطة تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الإرهابية.. تزامن هذه القرارات بفارق يوم واحد من اليوم الذي صدرت فيه استراتيجية الأمن القومي الجديدة.
* العسكرة قائمة
ولا يبدو الأمر هنا أن يكون مجرد محاولة، لطمس ملامح ما هو حربي وما هو غير حربي في جهود الإدارة الأمريكية، وغالبا فإن الأمر لن يعدو أن يكون مطالبة دول الشرق الأوسط والخليج بتوسيع أدوارها وإسهاماتها في مواجهة الإرهاب متمثلا أساسيا في تنظيم القاعدة ومن الواضح أن هذه السياسة بدأت باليمن وسيتضح في المستقبل القريب أنها ستتخطاه الى بلدان أخري في المنطقة، وتوغل إدارة أوباما في استخدام لغتها السياسية التي تبدو فيها مختلفة جذريا عن إدارة بوش حين تؤكد أنها ليست في حرب مع الإسلام، إنما هي في حرب ضد القاعدة وفروعها، وهذا الاختلاف يتيح لنظم المنطقة أن تتوسع بلا حرج في أدوارها الى جانب الولايات المتحدة بقوتها العسكرية وقدراتها المالية.
وتعترف استراتيجية الأمن القومي الجديد في الجزء الذي تعالج فيه «العالم الذي نسعي إليه» بأنه «حتي حينما احتفظت الولايات المتحدة بتفوقها العسكري فإن قدرتها على المنافسة قد أصيبت بنكسة في السنوات الأخيرة لكننا نضيق من حالة ضعف الاستثمار في المناطق التي هي مركزية لقوة أمريكا.. إننا نعيد بناء اقتصادنا بحيث نخدم ماكينة الفرص للشعب الأمريكي ونعيد بناء مصدر للنفوذ الأمريكي في الخارج.. إن الولايات المتحدة لابد أن تؤمن أنها تملك أفضل قوة عمل بأفضل تعليم في العالم، وقطاع خاص يعزز التجديد ومواطنين وقطاعات أعمال تستطيع أن تتيح أفضل رعاية صحية للمنافسة في اقتصاد، ولم يتوجب علينا أن نحدث تحولا في الكيفية التي نستخدم بها الطاقة.
* الشرق الأوسط الكبير
ولا تستمر الاستراتيجية الأمنية طويلا في الابتعاد عن المفهوم الضيق لمعني الأمن، وهو المفهوم العسكري، فسريعا ما تؤكد: «أننا سنستمر في تطويرقدراتنا على مواجهة التهديدات والأخطار التي تواجهنا ونحن نعيد تطوير بنانا التحتية لنضمن الأمن لشعبنا ولنعمل بالتعاون مع أمم أخري، إن قيادتنا الأخلاقية تقوم على أساس قوة المثل الذي نضربه وليس عن طريق جهد نبذله لفرض نظامنا على شعوب أخري.. إننا إذا ما أضعفنا قيمنا خلال السعي للأمن سنقوض الاثنين، أما إذا دعمناهما فإننا نحافظ على مصدر رئيسي لقوتنا وقيادتنا في العالم، وهي قوة تبعدنا عن أعدائنا وعن منافسينا المحتملين.
بعد هذا مباشرة تعود استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الى استخدام تعبير «الشرق الأوسط الكبير»، وهو التعبير نفسه الذي استخدمته وزيرة خارجية بوش السيدة كونداليزا رايس في سياق مختلف.. في سياق يتحدث عن الحرب العالمية على الإرهاب (...) ويؤكد التقرير الجديد ما سبق أن أكدته كل استراتيجية سابقة للأمن القومي من أن الولايات المتحدة تملك مصالح مهمة في الشرق الأوسط الكبير، تتضمن التعاون الواسع بشأن عدد كبير من القضايا مع صديقتنا الوثيقة إسرائيل والتزام لا يتزعزع بأمنها، وتحقيق الأماني المشروعة للشعب الفلسطيني في فرصة إقامة دولة.. ووحدة العراق وأمنه وتعزيز ديمقراطيته وإعادة دمجه في المنطقة، وإحداث تحول في السياسة الإيرانية، بعيدا عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية ودعم الإرهاب وإطلاق التهديدات ضد جيرانها، وتحقيق حظر انتشار للأسلحة النووية والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والوصول الى مصادر الطاقة، وإدماج المنطقة في الأسواق العالمية.
* دولة يهودية
ولا يمكن أن يخطئ المرء في إدراك مدي اقتراب استراتيجية أوباما للأمن القومي من نصوص استراتيجية بوش للأمن القومي خاصة عندما يكون الحديث عن الشرق الأوسط، إنها تعيد تكرار التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل والدول العربية الصديقة لأمريكا، وتتعهد بمواصلة عملية السلام العربية - الإسرائيلية باعتبار ما للولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيين والدول العربية من مصلحة في حل سلمي للصراع العربي - الإسرائيلي.. حل تتحقق فيه الأماني المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين في الأمن والكرامة، وتحقق فيه إسرائيل أمنا وسلاما دائمين مع كل جيرانها.
وتسجل الاستراتيجية اعترافا واضحا بإسرائيل باعتبارها «الدولة اليهودية» ضمن الحديث عن «سعي الولايات المتحدة الى دولتين تعيشان جنبا الى جنب في سلام واحد».. استمرار في حديث السلام واستمرار في تأكيد العهد والالتزام بإسرائيل واستمرار في تأكيد ثقة الأمريكيين بقدراتهم.
فما الجديد؟ نفس نوع النبيذ داخل زجاجات جديدة كما تقول العبارة الإغريقية القديمة.